رميكية لا تساوي عقالا
فجاءت بكل قصير العذار
لئيم النجارين عما وخالا
فالتهب المعتمد غضبا، وصاح بعبد الجليل بن وهبون، وأمره أن يكتب إلى أحمد بن عبد العزيز، وزيره ببلنسية: أن يرسل إليه ابن عمار مصفودا، وبعد أيام وصل ابن عمار، ولم يبق وسيلة من وسائل الاستعطاف إلا بذلها، ولكن الغضب لم يترك في نفس المعتمد مكانا لرحمة، فوثب عليه وقتله بيده، وخرج الهوزني وهو يقول في نفسه: هذه بداية الخاتمة، ومر ابن وهبون بجثة ابن عمار فقال:
عجبا لمن أرثيه ملء مدامعي
وأقول: لا شلت يمين القاتل!
ثورة
كان القاضي عبد الله بن أدهم من أشد الساخطين على المعتمد؛ لتهاونه بشئون الدين والملك معا، ولانغماسه في اللهو، وتحالفه مع الإسبان.
وكان عبد الله شيخا جليل القدر، وقور السمت، له نفوذ روحي قوي التأثير في العامة، فكان يوجههم بإشارة من يده كيف شاء، ومتى شاء، وقد سمع من القادمين من بر العدوة ما عليه ابن تاشفين، ملك مراكش، من الزهد والصراحة في الحق، والتمسك بالدين، والتأدب بآداب الصحابة، والميل إلى الغزو في سبيل الله، فكان يود لو أن زمام الأندلس أسلم إلى يده بعد أن كبا بها الزمان، واصطلحت عليها النوائب؛ ليملأها عدلا بعد أن ملئت جورا، وليعيد إليها ما كان لها من العز الشامخ والملك العظيم.
كان عبد الله جالسا في دارة مطرقا مفكرا، وإذا أبو القاسم الهوزني يطرق بابه، ويسلم في أدب ويجلس، فيلتفت إليه ابن أدهم ويقول: كيف حال المعتمد اليوم؟ ألا يزال سادرا في لذاته، أم أيقظه قرع الحوادث؟؟ - لا يزال سادرا في لذاته، وهو الآن أشبه بالقنديل في آخر الليل، تخفق ذبالته حتى إذا لم تجد زيتا انطفأت. - ليته كان ينطفئ وحده! إنه ليس قنديلا أبا القاسم. إنه راع ترك شياهه للسباع ... إن الأمة لا تصلح إلا بابن خطاب جديد. - وأين نجد عمر بن الخطاب الآن؟؟ - هو على مرمى سهم منك ... هو في بر العدوة ... هو في مراكش ... هو يوسف بن تاشفين. - فهمت. هذا حسن، وهو خير من يعيد إلى الأندلس مجدها. - ولكن كيف الوصول إليه؟؟ ... إن وفدا من رجال الأندلس لا يكفي لدعوته؛ لأنه قد يرتاب في أن البلد ممهد لدخوله، فيخشى أن يقع بين شقي رحا، وأن تطبق عليه جيوش المسلمين وجيوش الإسبان. - دع هذا الأمر لي يا سيدي، ويكفيك أنك أوحيت بالفكرة ... إني سأحتال حتى يدعوه المعتمد نفسه.
Bog aan la aqoon