93

Series of Ambitions - The Prelude

سلسلة علو الهمة - المقدم

Noocyada

علو همة السلف في التسابق في الطاعات ومن تسابقهم في الطاعات الذي يعكس علو هممهم رضي الله تعالى عنهم ما رواه عبد الله بن عمر ﵄ أن رجلًا قال: (يا رسول الله! إن المؤذنين يفضلونا، فقال رسول الله ﷺ: قل كما يقولون، فإذا انتهيت فسل تعط). ومن ذلك أيضًا ما رواه أبو هريرة ﵁: (أن فقراء المهجرين أتوا رسول الله ﷺ فقالوا: قد ذهب أهل الدثور -جمع دثر، وهو: المال الكثير- بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، فقال: وما ذاك؟ قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله ﷺ: أفلا أعلمكم شيئًا تدركون به من سبقكم، وتسبقون من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة، قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله ﷺ فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله ﷺ: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء). ويروى عن سليمان بن بلال ﵁: (أن رسول الله ﷺ لما خرج إلى بدر أراد سعد بن خيثمة وأبوه جميعًا الخروج معه، فذكر ذلك للنبي ﷺ، فأمر أن يخرج أحدهما، فاستهما، فقال خيثمة بن الحارث لابنه سعد ﵄: إنه لا بد لأحدنا أن يقيم فأقم مع نسائك، فقال سعد: لو كان غير الجنة لآثرتك به، إني أرجو الشهادة في وجهي هذا، فاستهما فخرج سهم سعد، فخرج مع رسول الله ﷺ إلى بدر فقتله عمرو بن عبد ود). فهذا تسابق في أمور الآخرة وتنافس فيها؛ ولذلك لا إيثار في أمور الآخرة كما ترون هنا، وهذا على أحد أقوال العلماء، فمن قلة الفقه أن تكون لك فرصة في أن تصلي في الصف المقدم -مثلًا- وتقول لأخيك: تقدّم أنت، فهذا قلة فقه، فالمفروض أنك أنت تسابقه، وتحتل المكان قبله، فقد كان الصحابة ﵃ إذا أقيمت الصلاة يتبادرون ويتسابقون إلى الصف الأول، وأيضًا إذا كانت النوبة لطالب أن يسمع على شيخ القرآن مثلًا، فلا يقول لأخيه: تقدم أنت قبلي، بل يتنافس ويتسابق ويكون المقدم في أعمال الآخرة، كما كان الصحابة يتنافسون في أمور الآخرة، وأما في الدنيا فيلقيها في نحر من يطلبها.

6 / 14