Series of Ambitions - The Prelude
سلسلة علو الهمة - المقدم
Noocyada
العجز والكسل من عوامل انحطاط الهمة
من أسباب انحطاط الهمة: العجز والكسل، فالعجز والكسل هما العائقان اللذان أكثر رسول الله ﷺ من التعوذ بالله منهما، فمما كان يقول: (وأعوذ بك من العجز والكسل)، فالعجز بأن يكون يريد أن يفعل لكنه غير قادر، والكسل: أن تكون قادرًا لكن ليس هناك همة، وعندك فتور.
وقد يعذر العاجز لعدم قدرته بخلاف الكسول، فالعاجز قد يعذر؛ لأنه يحاول ولا يستطيع، فتخلف العمل نتيجة عجز، لكن الكسول عنده القدرة، لكنه همته ضعيفة، فلذلك لا يعذر الكسول، وقد يعذر العاجز؛ فالكسول يتثاقل ويتراخى مع القدرة على أداء ما ينبغي.
قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾ [التوبة:٤٦].
فالإنسان مطالب بين وقت وآخر أن يجدد التوبة مع كل نفس جديد أو ثانية تمر بعمرك، فهذه فرصة جديدة، فكيف تسوف وتقول: سأتوب الأسبوع القادم أو الشهر القادم، فلا تقل: بعدما أعتمر أو بعدما أحج سوف أتوب، كما يضحك الشيطان على كثير من الناس.
والمرأة يقال لها: متى تتحجبين؟ فتقول: بعدما أحج وأرجع! فهل تضمنين عمرك؟ وهل تظنين أنك غير مسئولة عن الحجاب في هذه الفترة؟ بل أنت آثمة، وتحملين هذا الوزر، وكذلك في كل طاعة تؤجل بلا مبرر أو بلا مسوغ.
فاتقوا الله، وتوبوا إليه، واستقيموا؛ فإن الصادق يأخذ بالأسباب، كما قال تعالى: «وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً»، فإذا أردت أن تنهض من وحل التدخين وحل المخدرات وحل الغفلة وحل اللهو فلابد أن تعد عدة، وابذل من الأسباب ما يثبت جديتك في هذا الأمر، قال ﷿: ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾ [التوبة:٤٦].
روي أن رجلًا قال لـ خالد بن صفوان: ما لي إذا رأيتكم تذاكرون الأخبار، وتدارسون الآثار، وتناشدون الأشعار وقع علي النوم؟ قال: لأنك حمار في مسلاخ إنسان.
وقد ترى الرجل موهوبًا ونابغة فيأتي الكسل فيخذل همته، ويمحق موهبته، ويطفئ نور بصيرته، ويشل طاقته؛ ولذلك قلنا: الكسول لا يعذر؛ لأن الكسول قادر على أن يفعل، بخلاف العاجز، فممكن أن الإنسان يكون موهوبًا فعلًا وذكيًا وقادرًا على العمل، لكن تنحط همته، فتشل طاقته.
قال الفراء رحمه الله تعالى: لا أرحم أحدًا كرحمتي لرجلين: رجل يطلب العلم ولا فهم له، ورجل يفهم ولا يطلبه؛ وإني لأعجب ممن في وسعه أن يطلب العلم ولا يتعلم.
قال المتنبي: ولم أر في عيوب الناس عيبًا كنقص القادرين على التمام فأنت قادر لكن الكسل هو الذي يعجزك؛ لذلك لا تعذر بالكسل.
16 / 8