214

Secularism: Its Rise and Development

العلمانية - نشأتها وتطورها

Daabacaha

دار الهجرة

Noocyada

هذه النظريات كلها تتفق في خاصية واحدة هي أنها تجعل إبرام العقد خارج سيطرة الإنسان، فجوهر القانون دائمًا بعيد عن الإنسان، وعليه أن يجده، ويكمن الصلاح في اتباع الإنسان شريعة لا يد له في وضعها. ومن الواضح قصور مثل هذه النظريات، فقد أثبتت البحوث التاريخية خطأ كل النظم التي تدعي أنها تعمل في ظل العقوبات اللاهوتية. فالإله الذي أوحى بها يتكلم لغة غامضة لا سحر فيها إلا على من نصبوا أنفسهم أتباعًا له (١). ومع أن لمناقشة هذه الأفكار -إجمالًا- موضعًا آخر من البحث؛ فإن مثل هذا الكلام لا ينبغي أن نتجاوزه دون تمحيص؛ لا سيما وأنه ليس فلتة من كاتب، وإنما هو اتجاه سائد وظاهرة عامة في الفكر السياسي الغربي. إن هذا الكلام وما شاكله من مواقف غير علمية يتخذها معظم الباحثين اللادينيين حيال أية قضية من قضايا الدين مما لا يليق بالباحث النزيه الذي يتحرى الدقة والموضوعية فيما يقول. ويتجلى فيه بوضوح جهالة مزدوجة بحقائق التاريخ وحقائق العلم على حد سواء، أما الجهالة التاريخية فتبدو في تعميم الأحكام، وهو خطأ ندر من ينجو منه من كتاب الجاهلية الغربية الصليبية، إذ يعممون أحكامهم عن الدين والشرائع جاهلين - أو متجاهلين - أن الدين في صورته الإلهية الحقة (الإسلام) لا يصح مطلقًا أن يعبر عنه ضمن الأديان والنحل الأخرى وأن يوصم بما توصم به المسيحية الرسمية التي دانت بها أوروبا ولا بما توصف به شريعة التوراة المحرفة التي يسميها لاسكي قوانين موسى.

(١) مدخل إلى علم السياسة. مقتطفات من (٢٦ - ٢٨).

1 / 222