Secularism: Its Rise and Development
العلمانية - نشأتها وتطورها
Daabacaha
دار الهجرة
Noocyada
الدينية على النمط نفسه الذي تدرس به الأسانيد التاريخية -أي: على أساس أنها تراث بشري وليست وحيًا إلهيًا- وبالفعل حقق " سبينوزا " نتائج إيجابية:
فمثلًا: استنتج أن أسفار التوراة لم يكتبها موسى، مستدلًا بما جاء في سفر التثنية من ذكر موت موسى ورثائه، وقول كاتب السفر: "لم يأت نبي مثله من بعده "، وأيضًا استطاع أن يثبت أن التوراة قد عينت أماكن بأسماء لم " توضع لها إلا بعد موسى بقرون عديدة " (١) كما استطاع " باسكال" أن يوجه نقده إلى عقيدة الخطيئة قائلًا: " لا شيء يزحم العقل الإنساني بالألم كعقيدة الخطيئة الأصلية، وإنه ليبدو أبعد ما يكون عن العقل أن يعاقب إنسان من أجل خطيئة اقترفها أحد أسلافه منذ أربعة آلاف سنة " (٢).
أما " جون لوك " فقد خطا خطوة أبعد من ديكارت بأن طالب بإخضاع الوحي للعقل عند التعارض قائلًا: "من استبعد العقل ليفسح للوحي مجالًا فقد أطفأ نور كليهما، وكان مثله كمثل من يقنع إنسانًا بأن يفقأ عينيه ويستعيض عنهما بنور خافت يتلقاه بواسطة المرقب من نجم سحيق" (٣).
كما دعا إلى تطبيق مبدأ جديد على الحياة الأوروبية آنذاك، وهو مبدأ التسامح الديني، وإعطاء الحق لكل إنسان في أن يعتنق ما يشاء ويكفر بما يشاء من الأديان والمذاهب.
على أن نقد هؤلاء الرواد لم يصل إلى إنكار الوحي والرسالات السماوية بصراحة، كما أنه ظل خافتًا أمام بطش محاكم التفتيش أو على
(١) انظر: "المشكلة الأخلاقية والفلاسفة" (١٢٢) ورسالة في اللاهوت والسياسة لسبينوزا، ترجمة: حسن حنفي. (٢) المصدر السابق: (١٣٣). (٣) قصة النزاع (... /٢١٤).
1 / 154