62

ولقد بلغ انس العرب الجاهلية بالقتال وسفك الدماء أن جعلوا القتل والسفك للدماء من مفاخر الرجال!!

ويبدو ذلك جليا لمن يقرأ قصائدهم الملحمية التي تفوح منها رائحة الدم ، ويخيم عليها شبح الموت ، تلك القصائد التي يمدح فيها الشاعر نفسه أو قبيلته بما أراقوه من دماء!! ، وما ازهقوه من ارواح وما سبوه من نساء!! ، وأيتموه من أطفال!!

ونجد في البيت الشعري التالي مدى انزعاج الشاعر العربي الجاهلي لما اصاب قبيلته من نكسة وذل وهزيمة في ميدان القتال ، إذ يقول :

فليت لي بهمو قوما إذا ركبوا

شنوا الإغارة ركبانا وفرسانا

ويصف القرآن الكريم هذه الحالة بقوله : « وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها » (1).

الاخلاق العامة في المجتمع الجاهلي العربي :

ومهما يكن من امر فان عوامل مختلفة كالجهل وضيق ذات اليد ، وجشوبة العيش ، وعدم وجود قانون صحيح يحكم الحياة الاجتماعية ، وحالة البداوة الموجبة للتوحش ، والكسل والبطالة وغير ذلك من الرذائل الاخلاقية كانت قد حولت جو الجزيرة العربية إلى جو فاسد قاتم ، حتى أن امورا يندى لها الجبين قد اخذت طريقها إلى حياة تلك الجماعة وراحت تتخذ شيئا فشيئا صفة العادات المتعارفة!!

لقد كانت الغارات وعمليات النهب ، والقمار ، والربا ، والاسر ، والسبي من الأعمال والممارسات الرائجة في حياة العرب الجاهلية ، وكان شرب الخمر ومعاقرتها بلا حدود هو الآخر من الأعمال القبيحة الشائعة لديهم ، ولقد ترسخت هذه العادة القبيحة في حياتهم إلى درجة انها صارت جزء من طبيعتهم ، وحتى أن

Bogga 66