ان النوابغ في مجال الأخلاق ، وان عقول العلماء الخلاقة ، وأفكار الفلاسفة العظيمة كلها تؤيد وتشهد بأن ما يحصلون عليه ، وما يطلعون به على المجتمع البشري مما لم يعرفوه من قبل ما هي الا شرارات مضيئة وملهمة تخطر لهم ، ثم يعمدون إلى تنميتها وبلورتها بالتجربة ، أو بالاستدلال والبرهنة والتأمل.
قنوات المعرفة الثلاث :
من هذا الكلام نستنتج أن أمام بني البشر ثلاث طرق للوصول إلى مقاصدهم ؛ فالطريق الأول يستفيد منه جماهير الناس غالبا ، بينما يستفيد طائفة خاصة منهم من الطريق الثاني ، ولا يستفيد من الطريق الثالث إلا أفراد معدودون قلة تكاملت عقولهم ، وتسامت أرواحهم. وهي كالتالي :
1 الطريق التجريبي والحسي ، والمقصود منه ذلك القسم من الإدراكات والمعلومات الواردة إلى محيط الذهن البشري عن طريق الحواس الظاهرية كالمرئيات ، والمشمومات والمطعومات وغيرها مما يستقر في محيط إدراكنا بواسطة الأجهزة المختصة بها.
وقد استطاع البشر اليوم ، وبفضل اختراع التلسكوبات والميكروسكوبات واجهزة التلفاز والراديو ان يقدم خدمة كبرى للبشرية في مجال الإدراكات الحسية ويمهد لمزيد من سيطرتها على البعيد والقريب.
2 الطريق التعقلي الإستدلالي : فان المفكرين يتوصلون إلى كشف طائفة من القوانين الكلية الخارجة عن الحس عن طريق عملية التفكير والتأمل وتشغيل جهاز العقل ، وإقامة سلسلة من المقدمات البديهية الواضحة ، وبذلك يمكن الوصول إلى قمم المعرفة والكمال العلمي.
إن انكشاف القوانين العلمية الكلية ، والمسائل الفلسفية ، والمعارف المرتبطة بصفات الله وأفعاله سبحانه والقضايا المطروحة في علم العقيدة والأديان ناشئ برمته من جهاز العقل ، وحركته ، وناتج من عملية التفكير ، والإستدلال المذكورة.
3 طريق الإلهام : وهذا هو الطريق الثالث لمعرفة الحقائق ، وهو فوق نطاق
Bogga 334