317

فاحتضنه ذلك الملك ، وعصره عصرة شديدة ، ثم طلب منه أن يقرأ فأجابه بالجواب الأول.

فعصره الملك ثانية عصرة شديدة وتكرر هذا العمل مرات ثلاث احس بعدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نفسه أنه قادر على قراءة ما في ذلك اللوح ، فقرأ ساعتها تلك الآيات التي تشكل في الحقيقة ديباجة كتاب السعادة البشرية ، واساس رقيها.

لقد قرأ صلى الله عليه وآله وسلم قوله تعالى : « إقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق * إقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم » (1).

وبعد أن انتهى جبرئيل من أداء مهمته التي كلف بها من جانب الله تعالى ، وبلغ إلى النبي تلكم الآيات الخمس ، انحدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جبل حراء ، وتوجه نحو منزل خديجة (2).

ولقد أوضحت الآيات المذكورة برنامج النبي صلى الله عليه وآله وسلم اجمالا ، وبينت وبشكل واضح ان اساس الدين يقوم على القراءة والكتابة ، والعلم والمعرفة ، واستخدام القلم.

ظاهرة القضايا الغيبية في منظار الماديين :

لقد تسبب التقدم العظيم والمتزايد الذي تحقق في ميدان العلوم الطبيعية في سلب الكثير من العلماء القدرة على فهم وادراك القضايا المعنوية والخارجة عن اطار العلوم الطبيعية والتالي أدى إلى تحديد وتضييق آفاق الفكر عندهم.

فاذا بهم اصبحوا يتصورون أن الوجود يتلخص في هذا الكون المادي ، وانه ليس في الوجود من شيء سوى المادة وان كل ما لا يمكن تفسيره وتبريره بالقوانين والقواعد المادية فهو أمر باطل ، ومن نسج الخيال!!

Bogga 322