293

3 الضال : من ضل الشيء إذا ضؤل وخفى ذكره.

وتفسير الآية بأي واحدة من هذه المعاني لا يثبت ما يدعيه الذين يتمسكون بها لأثبات ضلال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة.

أما المعنى الأول فهو المقصود في كثير من الآيات قال سبحانه : « غير المغضوب عليهم ولا الضالين » (1).

لكن الضلالة على نوعين :

النوع الأول ما تكون الضلالة فيه أمرا وجوديا في النفس يوجب ظلمة النفس ومنقصتها ، مثل الكفر والشرك والنفاق ، والضلالة بهذا المعنى قابلة للزيادة والنقصان قال سبحانه : « إنما النسيء زيادة في الكفر » (2).

النوع الثاني ما تكون الضلالة فيه أمرا عدميا ، وذلك عندما تكون النفس فاقدة للرشاد ، وعندئذ يكون الإنسان ضالا بمعنى أنه غير واجد للهداية من عند نفسه ، وذلك كالطفل الذي اشرف على التمييز وكاد أن يعرف الخير والشر ، ويميز بين الصلاح والفساد فهو آنذاك ضال بمعنى أنه غير واجد للنور الذي يهتدي به في سبل الحياة لا بمعنى كينونة ظلمة الكفر والفسق في نفسه وروحه.

والمراد من الضال في قوله تعالى « ووجدك ضالا فهدى » لو كان ما يضادد الهداية فهو يهدف إلى النوع الثاني ، فيكون المعنى انك في ابان عمرك كنت غير واجد للهداية من عند نفسك فهداك الله إلى اسباب السعادة وعرفك عوامل الشقاء ، وهو اشارة إلى قانون الهي عام في حياة البشر انبياء واناسا ماديين ، وهو ان هداية كل إنسان بل كل ممكن مكتسبة من الله قال سبحانه : « قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى » (3).

وعلى هذا الاساس فالآية تهدف إلى ذكر النعم التي انعم الله بها على نبيه الحبيب منذ ان استعد لها فآواه بعد ما صار يتيما ، وافاض عليه الهداية بعد ما كان

Bogga 298