فهل يرضى ضميرك أيها القارئ الكريم أن يكون « يحيى » و « المسيح » عليهما السلام مؤمنين معلنين عن توحيدهما ، وإيمانهما منذ طفولتهما ، وصباهما ، ويكون أفضل الأنبياء والمرسلين ، وأشرف الخلق أجمعين إلى سن الأربعين على غير إيمان ، وتوحيد ، مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان مشتغلا بالتعبد في جبل « حراء » عند نزول ملاك الوحي عليه لأول مرة؟
واليك بعض ما قاله المؤرخون ، والعلماء في هذا المجال استكمالا لهذا المبحث : قال ابن هشام : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة يطعم من جاءه من المساكين فاذا قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جواره من شهره ذلك كان أول ما يبدأ به إذا انصرف من جواره ، الكعبة ، قبل أن يدخل بيته ، فيطوف به سبعا أو ما شاء الله من ذلك ، ثم يرجع إلى بيته حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله تعالى به فيه ما أراد من كرامته من السنة التي بعثه الله تعالى فيها ، وذلك الشهر شهر رمضان ، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى « حراء » كما كان يخرج لجواره ومعه اهله حتى إذا كانت الليلة التي اكرمه الله فيها برسالته ورحم العباد بها جاءه جبرئيل عليه السلام بامر الله تعالى (1).
وقال العلامة المجلسي : قد ورد أخبار كثيرة انه صلى الله عليه وآله وسلم كان يطوف ، وانه كان يعبد الله في حراء وانه كان يراعي الآداب المنقولة من التسمية والتحميد عند الاكل وغيره ، وكيف يجوز ذو مسكة من العقل على الله تعالى ان يهمل افضل انبيائه اربعين سنة بغير عبادة؟ والمكابرة في ذلك سفسطة (2).
فايمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وتوحيده قبل البعثة ، اذن ، أمر مسلم لا شبهة فيه ، ولا غبار عليه.
ولكن بعض الكتاب من المسيحيين ومن تبعهم ، من المستشرقين وغيرهم ، أبوا إلا أن ينتقصوا النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم فادعوا ضلاله قبل البعثة ،
Bogga 296