Seef iyo Dab ka Sudan

Salatin Basha d. 1351 AH
123

Seef iyo Dab ka Sudan

السيف والنار في السودان

Noocyada

بعد ذلك أمرني بأن أسلم العلبة إلى سكرتيره وأمرني بالانصراف. غير أني تصفحت الورقة مرة ثانية بكل سرعة وعلقت منها كلمات «اسكانيا - نوفا - فوريدا بجنوب الروسيا»، وأخذت أكرر تلك الكلمات حتى علقت بذاكرتي.

وقد كان الملازمون في انتظاري خارج الباب وهم في غاية الشوق إلى سماع أخباري، ولما رأوني خارجا وعلى وجهي علامات السرور فرحوا لفرحي.

وقد صرت أكرر وأنا في طريقي إلى منزلي تلك الكلمات، ونذرت إذا منحني الله - سبحانه وتعالى - حريتي فلا بد من أن أذهب إلى هذا الرجل وأبلغه ما طلب وماذا حدث للعصفور. والآن عاد محمود أحمد - وهو الذي حل محل عثمان واد آدم لما توفي - إلى أم درمان بجيوشه البالغة خمسة آلاف بدوي، ولم يترك بها غير ما يكفي لحفظ النظام، وعسكر بهذه الجيوش عند عين يونس في جنوبي المدينة.

وقد أمر الخليفة باستعراض جميع الجيوش النازلة في أم درمان، وبطبيعة الحال ستكون نتيجة هذا الاستعراض كنتيجة سابقة، وقد كنت أركان الحرب، وكل هفوة تقع علي مسئوليتها.

بعد ذلك أمر محمود أحمد بالعودة إلى الفاشر بعد أن جدد عساكره يمين الإخلاص للخليفة. وقد وجه الخليفة نظره الآن إلى الجهات الاستوائية، فبعث بباخرتين أخريين بهما 300 رجل تحت إمرة قريبه عرابي ضيف الله، أرسلهما إلى الرجاف، ولدى عرابي الأوامر بالقبض على «أبو حرجة» وأن يكبله بالحديد، وقد ظهر جليا أن هذا الأخير لم يرسل إلى الرجاف إلا خدعة.

وجاء بعد ذلك دور زكي طومال، فحقد عليه يعقوب فأمروه أن يعود حالا إلى أم درمان؛ حيث زجوه في السجن ووضعوا على جسمه أكبر كمية ممكنة من الحديد تعذيبا له، بعد ذلك وضعوه في مغارة وقطعوا صلاته بكل الناس، ولم يسمحوا له حتى بالخبز الضروري لغذائه، فمات بعد 20 يوما جوعا وعطشا.

وقد حل الآن بدله في قيادة الجيوش أحمد واد علي، فأصدر له الخليفة الأوامر بغزو القبائل النازلة بين كسلا والبحر الأحمر، وكانت خاضعة للإيطاليين، ولكنه تلقى أوامر بألا يغزو جيوشا محصنة في حصون. ولما توجه على رأس جيشه في نوفمبر سنة 1893 من الفضارف، لحق بالقوة المعسكرة في كسلا، وهناك توجه إلى «أجردات»، فواجه القوات الطليانية، وكانت قليلة العدد إلا أنها متحصنة، وبالرغم مما أمره به الخليفة هاجمها لقلتها في نظره، فهزم شر هزيمة وقتل هو نفسه وقتل قائدان من قواده.

وفي أثناء هذه اللحظات الدقيقة إذا بباخرتين تفدان من الرجاف تحملان كميات هائلة من العاج وآلافا من الأسرى، وبعد ذلك بقليل وصلت أخبار غير سارة من دارفور، وقد روى محمود أحمد أن المسيحيين دخلوا مناطق بحر الغزال، وقد اتحدوا مع القبائل النازلة في هذه الجهات وقد وصلوا بالفعل إلى حضرة النحاس. وقد وقعت تلك الأخبار على الخليفة كالصاعقة.

ولما كانت مصر تحكم السودان، جند المصريون من أهالي إقليم بحر الغزال الكثير؛ منهم من قبل برغبته، ومنهم من أجبر على الدخول في سلك العسكرية. ولما كانت مناطق بحر الغزال أعلى بكثير من غيرها من مناطق السودان ومزروعاتها كثيرة وماؤها وفير، ولما كانت القبائل الساكنة في تلك الجهة متفرقة الكلمة؛ سهل كل ذلك على أي أجنبي يريد الاستيلاء عليها، وهذا هو ما قد حصل. وكان في نظر الخليفة أن من يستولي على هذه المناطق فقد استولى على مفتاح السودان بأجمعه، ومما زاد الطين بلة أن العبيد يكرهون العرب كراهة لا مزيد عليها.

وقد أمر الخليفة في الحال محمود أحمد بأن يجند من جنوبي دارفور، ويزحف جنوبا إلى بحر الغزال ليكسح الأجانب الذين دخلوا هذا الإقليم.

Bog aan la aqoon