بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين (1).
الصوم لغة " الصوم " لغة - كما عن الجوهري وجماعة - " هو (2) الامساك (3) " وعن ابن دريد كل شئ سكنت حركته فقد (4) صام صوما (5).
الصوم شرعا وفي عرف الشارع أو المتشرعة - على ما في الشرائع (6) والنافع (7) - هو
Bogga 15
الكف عن المفطرات " مع النية ".
ونقض في (١) طرده، بالكف عنها مع النية وقتا ما.
وقد يذب عنه: بأن المراد بالنية: النية (٢) الشرعية، وهي لا تتعلق بغير الزمان المخصوص.
وفيه: إن عدم مشروعية النية في غير الزمان المخصوص لأجل عدم كون المنوي صوما شرعا (٣)، لا لعدم شرعية أصل نيته (٤)، فيرجع الأمر إلى وجوب إخراج مثل ذلك عن حد الصوم الشرعي.
فالأحسن أن يقال: إن هذا تعريف للصوم مع قطع النظر عن اعتبار وقوعه في الزمان المخصوص، بأن يجعل اليوم ظرفا له خارجا عن مفهومه، كما يشير إليه قوله تعالى: <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن- الكريم/2/2" target="_blank" title="البقرة 2">﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾</a> (5).
أو يقال: إن هذا تعريف له بعد ملاحظة معروفية أخذ اليوم في مفهومه.
ونقض في عكسه بتناول المفطر سهوا.
ويذب عنه، تارة: بأن التناول على وجه النسيان لا ينافي الكف، وفيه نظر.
وأخرى بإضمار قيد فيه (6) بأن المراد (7) الكف عن تعمد المفطر - كما صرح بذكره الفاضل المقداد في كنز العرفان (8) -.
وفيه: أنه إن أريد بتعمد المفطر: تعمد الافطار، فيدخل في الحد: الجاهل
Bogga 16
بكون الشئ مفطرا والناسي له (1)، وإن أريد التعمد بفعل الشئ الخاص - كالأكل مثلا - فلا ريب أن الناسي للصوم متعمد للأكل، فإن تعمد الأكل لا ينافي الغفلة عن الصوم، أو القطع بعدم الصوم - كما يشهد بذلك ما ورد من التعليل في فساد صوم من تسحر ثم تبين أنه أكل وشرب بعد الفجر (2)، وما ورد في تعليل من أكل بظن الليل لأجل السحاب الأسود ثم تبين له بقاء النهار، بأنه أكل متعمدا (3) -.
ودعوى الفرق بين من اعتقد عدم الصوم، وبين من اعتقد انقضاء اليوم، وإن الأول ليس بمتعمد في أكله بخلاف الثاني، كما ترى، وإن أريد من " تعمد الأكل " الأكل مع الالتفات إلى مطلوبية الصوم منه وجوبا أو ندبا، فلا ريب أن أخذ هذا في تعريف (4) الصوم الذي لا بد من معرفته مع قطع النظر عن تعلق الطلب به غير مستقيم جدا، مع أن الظاهر من العرف - بل الأخبار - أن الصوم في أصل الشرع هو: " ترك الأكل والشرب وغيرهما رأسا ".
فلا يبعد - حينئذ - أن يقال: إن فعل المفطرات ناسيا قادح في حقيقة الصوم، وإن الآكل ناسيا للصوم ليس بصائم حقيقة في زمان أكله، ولذا أفتى المصنف قدس سره في أجوبة المسائل المهنائية: ببطلان الصوم المندوب، وقضاء الواجب إذا كان موسعا بفعل المفطر ناسيا، مستدلا بعدم تحقق الامساك (5)، وإن كان يرد عليه: أن عدم الصوم الحقيقي في جزء من النهار لا يوجب فساد الصوم،
Bogga 17
بعد حكم الشارع بالصحة بمقتضى (1) إطلاق (2) ما دل على نفي البأس عن الأكل والشرب ناسيا (3) الشامل بإطلاقه لجميع أفراد الصوم، بل الرواية واردة في خصوص الصوم المندوب، فيكون حينئذ انتفاء الامساك في جزء من النهار بمنزلة الأجزاء الغير الركنية للصلاة.
نعم، قد يشكل الأمر لو استغرق النهار بالمفطرات المختلفة أو بمفطر واحد، كما لو استنقعت المرأة في الماء طول اليوم - بناء على قول الحلبي (4)، والقاضي (5) بفساد صومها به -.
إلا أن يقال بكون الامساك عن كل مفطر مفطر أيضا بمنزلة الأجزاء الغير الركنية، فماهية الصوم هي الكف في كل جزء جزء من النهار عن كل مفطر مفطر، وفوات الكف في بعض النهار نسيانا أو فوات الكف في جميعه عن مفطر واحد نسيانا، لا يقدح في الماهية.
ويمكن أن يقال - أيضا -: إن الصوم الحقيقي هو الكف عن المفطرات حقيقة أو حكما، ويكون الناسي في حكم الكاف (6).
الاشكال في تعريف الصوم بالكف ثم إن تعريف الصوم ب " الكف " موجب لخروج الترك الحاصل في حال الذهول فضلا عن حال النوم، بل الترك مع عدم القدرة على المفطرات كلا أو بعضا، فالعدول عن الترك إلى الكف، إن كان باعتبار كون الترك غير مقدور، فمع كونه ممنوعا مختل، وإن كان التعبير بالترك - أيضا - لا يخلو عن المناقشة،
Bogga 18
بناء على أن الظاهر منه: الترك الحاصل عن قدرة واختيار، فلا يشمل الترك الاضطراري كما في حال النوم وعدم القدرة على التروك (1).
إلا أن يقال: إن المراد بالكف عن المفطرات مجرد تركها، ويقال في تعريفه، هو " ترك المفطرات مع النية " فيصدق على ترك النائم، إذا سبق منه النية.
لكن يرد عليه: ما إذا عزم على الافطار في جزء من النهار، فإن الكف في ذلك الجزء (2) ليس عن توطين، ولا مع النية.
وإن أراد من قوله " مع النية " النية الفعلية الحاصلة في الليل، فمع مخالفته لظاهر العبارة، يرد على طرده: ما إذا سبق منه النية ثم نوى الافطار ولم يجدد النية بعده - بناء على فساده -.
وعلى عكسه: ما إذا نسي النية إلى ما قبل الزوال.
وإن أراد: النية المستمرة حكمها - سواء كان في الليل أم لا، يرد عليه:
ما إذا وجب عليه الامساك إذا ثبت (3) الهلال بعد الزوال، لوجوب النية فيه أيضا.
الامساك عن الأكل والشرب " (من طلوع الفجر الثاني (4) إلى ذهاب الحمرة المشرقية (5) (6) عن الأكل والشرب " (7) على الوجه " المعتاد وغيره " للمأكول والمشروب المعتادين كالخبز
Bogga 19
والفواكه والماء، بالاجماع والكتاب والسنة.
وكذا غير المعتادين - على المشهور - بل في الغنية (1) كما عن السرائر (2) وظاهر المنتهى (3) وغيره: الاجماع، بل عن الناصرية (4) والخلاف (5): دعوى الاجماع من جميع العلماء إلا النادر من المخالفين.
قال السيد رحمه الله في الناصرية - على ما حكى عنه (6) -: إنه لا خلاف فيما يصل إلى جوف الصائم من جهة فمه إذا اعتمده (7)، فإنه يفطره - مثل الحصاة والخرزة وما لا يؤكل ولا يشرب - وإنما خالف في ذلك الحسن بن صالح، ونحوه روي عن أبي طلحة، والاجماع متقدم ومتأخر عن هذا الخلاف (انتهى) (8)
Bogga 20
ونحوه - في دعوى الاجماع على الافساد بما يصل إلى جوف الصائم، وإن كان غير معتاد - عبارة الغنية (1).
وعن الخلاف: إجماع المسلمين على أن أكل البرد مفطر، وحكم بانقراض المخالف (2).
وعن المنتهى: إجماع المسلمين إلا الحسن بن صالح وأبي طلحة الأنصاري، فإنه كان يأكل البرد ويقول: إنه ليس بطعام ولا شراب (3).
ولعله لصدق (4) جنس الأكل والشرب المنوط بهما الافطار في الكتاب والسنة، ومنع الانصراف (5) المعتد به إلى المأكول والمشروب المعتادين، وإلا لوجب تخصيصهما بالمتعارف من حيث أصل الأكل والشرب، ولم يقل به أحد من المسلمين.
مع أن حذف المتعلق يدل على تعلق الحكم بالاجتناب بالطبيعة (6) كما في قولك: زيد يعطي ويمنع.
مضافا إلى فحوى ما سيجئ (7) من الافطار بإيصال الغبار - مطلقا، أو خصوص الغليظ - مع قضاء سيرة المسلمين بمنافاة مطلق الأكل والشرب للصوم.
Bogga 21
ومع هذا كله فلا وجه للتأمل في المسألة (1)، بل (2) ولا للخلاف فيها - كما عن السيد والإسكافي (3) - من جهة انصراف إطلاق (4) الأكل والشرب الناشئ من حذف (5) متعلقهما إلى أكل وشرب ما تعارف أكله وشربه، فيبقى غير المتعارف في عموم صحيحة ابن مسلم: " لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع خصال - أو ثلاثا -: الطعام والشراب والنساء والارتماس في الماء " (6).
وقوله عليه السلام - في رواية أبي بصير -: " الصيام من الطعام والشراب " (7).
وقوله عليه السلام - في مقام المبالغة -: " ليس الصيام من الطعام والشراب وحده " (8).
وقوله عليه السلام - في مقام تعليل عدم الافطار بدخول الذبابة في الحلق -:
" إنه ليس بطعام " (9).
وفي صحيحة ابن أبي يعفور - في تعليل نفي البأس عن الاكتحال - " إنه ليس بطعام ولا شراب " (10).
Bogga 22
بناء على معلومية انصراف الطعام والشراب - في هذه الروايات - إلى المتعارف المعتاد، بل صراحة بعضها في ذلك ك " رواية الذباب " و " الكحل " (1)، فإن ابتلاع الذباب والكحل - عمدا - مفطران عند المشهور.
الامساك عن الجماع " وعن الجماع قبلا ودبرا " الموجب للجنابة التي لا تحصل " حتى تغيب الحشفة " أو قدرها من مقطوعها - على ما تقرر في باب الغسل -.
أما الجماع قبلا فلا خلاف ولا إشكال في كونه موجبا للافطار، ويدل عليه:
الكتاب والسنة المتواترة والاجماع - من المسلمين (2) - المحقق، بل الضرورة. ولا فرق بين الانزال وعدمه.
وأما الجماع دبرا فكذلك - مع الانزال - بلا خلاف بين العلماء، ويدل عليه فحوى ما سيأتي من الافطار بالانزال بغير الوطئ.
وأما مع عدم الانزال، فالمعروف بين الأصحاب - كما في المدارك (3) - أنه كذلك، وعن الخلاف (4) والوسيلة (5): الاجماع عليه، وفي الغنية (6): الاجماع على الفساد بحصول الجنابة (7) فيدخل فيه ما نحن فيه، وفي المعتبر (8): إنه أشهر
Bogga 23
الروايتين.
ويمكن الاستدلال عليه - مضافا إلى ما يظهر من المعتبر: من وجود الرواية المجبور إرسالها بالنسبة إلينا بالشهرة وظهور عدم الخلاف وحكاية الاجماع (1) - بعموم (2) ما دل من الكتاب والسنة على وجوب اجتناب النساء وعدم جواز المباشرة - كما في الآية (3) والرواية الصحيحة المتقدمة (4) - وما دل من الأخبار على حصول الافطار بالنكاح والمجامعة والوطئ والإصابة وإتيان الأهل (5) سيما بملاحظة قوله عليه السلام - مشيرا إلى الدبر -: " هو أحد المأتيين، فيه الغسل " (6)، فإنه يدل على أن جميع الأحكام الثابتة لإتيان النساء ثابتة لإتيانها في الدبر، لأن الدبر أحد الفردين، نظير قوله عليه السلام: " التراب أحد الطهورين " (7)، و " القلم أحد اللسانين " (8)، وغير ذلك - كما في الأخبار -.
ودعوى انصرافها من (9) الادخال في الدبر ممنوعة، سيما في بعضها مثل:
Bogga 24
من نكح حراما - أو جامع حراما - فعليه ثلاث كفارات " (1) فإن نكاح الحرام يشمل النكاح في دبر الأجنبية والغلام شمولا ظاهرا.
ومثل ما عن الصدوق في العلل، عن عمر بن يزيد: " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: لأي علة لا يفطر الاحتلام الصائم، والنكاح يفطر الصائم؟
قال: لأن النكاح فعله (2)، والاحتلام (3) مفعول به " (4) فإن الظاهر من مقابلة النكاح بالاحتلام - الحاصل بالوطئ (5) في القبل والدبر من الغلام والمرأة - إرادة النكاح الأعم أيضا، فكأنه سأل عن علة إفطار هذه الأمور إذا وقعت في اليقظة دون النوم؟ فأجابه عليه السلام بما أجابه.
ومنه يظهر مستند الحكم بالافطار بوطئ الغلام (6) وإن لم يوجب الغسل.
وعن الشيخ في الخلاف (7): الاجماع في الأول، لكن الظاهر من الفاضلين (8) والمحقق والشهيد الثانيين (9): تعليق الافطار على حصول الجنابة وهو مبني على ثبوت التلازم بين الجنابة والافطار، ولم أقف على ما يدل على ذلك
Bogga 25
صريحا وإن ادعى الاجماع عليه في الغنية (1) عدا ما يتراءى (2) من أخبار البقاء على الجنابة التي لا دلالة فيها إلا على عدم انعقاد الصوم مع الجنابة - سواء حصلت بالقصد أو بغيره - وأين هو من انتقاض الصوم بإحداث الجنابة قصدا (3)؟! فقد يمنع شئ من انعقاده ولا يمنع من استدامته.
نعم ادعى الاجماع عليه في الغنية (4).
وربما يظهر - أيضا - من بعض الروايات، مثل ما رواه في الفقيه، عن يونس بن عبد الرحمان، عن أبي إبراهيم عليه السلام: " في المسافر يدخل أهله وهو جنب قبل الزوال ولم يكن أكل، فعليه أن يتم صومه ولا قضاء عليه، قال: يعني إذا كانت جنابته من احتلام " (5).
دلت - ولو بملاحظة حكاية الراوي لقصد الإمام عليه السلام - على أن أصل الجنابة إذا كان اختياريا (6) مناف للصوم.
والخدشة في قبول حكاية مقصود الإمام عليه السلام من كلامه - إذا لم يكن معناه (7) مخلا للاجتهاد والنظر بل كان من الألفاظ الواضحة - توجب سد باب تجويز (8) النقل بالمعنى (9) فتأمل (10)
Bogga 26
ومما يؤيد اعتبار مثل هذا التفسير: اهتمام الرواة بضبطه في الكتب وجعله بمنزلة جزء الرواية، مع أن ظاهر الرواية في التهذيب (1) - حديث حذف لفظ " قال " - كونه من كلام الإمام عليه السلام مع احتمال عود ضمير " قال " في رواية الفقيه (2) إلى الإمام عليه السلام فيوافق رواية التهذيب.
وكيف كان، فالأقوى فساد الصوم - سيما بناء على المختار من تحقق الجنابة - خلافا للمحكي عن المبسوط من التردد فيه - كالوطئ في دبر المرأة - وإن جعل الفساد أحوط (3).
حكم وطئ البهيمة أما وطئ البهيمة، فعن الخلاف (4) عدم الخلاف في إيجابه القضاء، وهو حسن بناء على تحقق الجنابة به (5) خلافا للمحكي عن الحلي (6) فلم يوجب به (7) شيئا وهو ضعيف، نعم هو حسن لو قلنا بعدم إيجابه الجنابة، كما عن الشيخ (8) مع حكمه بإيجاب (9) القضاء، ولعله لصدق النكاح، وفيه نظر.
ولو أدخلت (10) المرأة ذكر البهيمة ففي البطلان إشكال، من جهة (11) الاشكال في حصول الجنابة - كما لو أدخلت ذكر صغير - من جهة الشك في
Bogga 27
تحقق الوطئ.
الامساك عن تعمد البقاء على الجنابة " و " كما يجب الامساك عن تعمد إحداث الجنابة في أثناء النهار، فيجب " عن تعمد البقاء على الجنابة " الحاصلة بالاختيار أو بغيره " حتى يطلع الفجر ".
على المشهور المعروف عن (1) غير شاذ - كما في المعتبر (2) - وعن السرائر (3).
وفي الغنية (4) والروض (5) كما عن الانتصار (6) والخلاف (7) والوسيلة (8).
والسرائر (9) والتذكرة (10) الاجماع، للأخبار الكثيرة، بل قيل: لعلها متواترة (11) منها: رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام: " في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل، ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح؟ قال: يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا " (12) قال في المعتبر: وبهذه أخذ علماؤنا إلا شاذا (13) ومثلها رواية المروزي (14)
Bogga 28
ومرسلة إبراهيم بن عبد الحميد (1).
خلافا للمحكي عن ظاهر المقنع (2) والرسالة الرضاعية للسيد الداماد (3)، وعن الأردبيلي الميل إليه (4)، وعن الذخيرة تقويته (5)، لعموم آية الرخصة في الرفث إلى النساء (6) ليلة الصوم (7) الصادق في جزئها الأخير، وخصوص الإذن (8) في المباشرة - كالأكل والشرب - إلى أن يتبين الخيط الأبيض، ولرواية إسماعيل بن عيسى، عن الرضا عليه السلام " عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان فنام عمدا حتى يصبح، أي شئ عليه؟ قال: لا يضره هذا، ولا يفطر ولا يبالي، فإن أبي قال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أصبح جنبا من جماع غير احتلام " (9).
ونحوها صحيحة عيص بن القاسم (10) ومكاتبة ابن (أبي زينبة) (11).
وفي صحيحة حبيب الخثعمي، عن أبي عبد الله عليه السلام " كان
Bogga 29
رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي صلاة الليل في شهر رمضان، ثم يجنب، ثم يؤخر الغسل متعمدا حتى يطلع الفجر " (1).
والكل ضعيف لمنع العموم في (أول) الآية (2) لورود إطلاقها في مقام جواز أصل الرفث في الليل - في مقابل النهار - ومنع شمول الغاية في (آخر) الآية (3) لغير الجملة الأخيرة، مع وجوب تخصيصها - على تقدير العموم - بالأخبار الكثيرة السليمة عن مزاحمة ما ذكر من الأخبار المخالفة للمشهور الموافقة للجمهور، كما في المعتبر (4)، وقد أشار إليه مولانا الرضا عليه السلام بحكايته عن أبيه عليه السلام عن عائشة (5)، مع أن المتعارف في ذلك نسبته إلى آبائه (صلوات الله عليهم.
مع إمكان حملها على بعض المحامل كالعذر - ولو للنبي صلى الله عليه وآله وسلم) (6) - كما في التهذيب (7)، والمعتبر (8)، أو النوم بقصد الاغتسال مع اعتياد (9) الانتباه.
" و " لا فرق في تعمد البقاء بين أن يبقى مستيقظا عازما على ترك الغسل، وبين أن ينام متعمدا عازما على الترك، بل يجب الاجتناب " عن النوم عليها من غير نية الغسل حتى يطلع " الفجر، فلو نام كذلك فسد الصوم، لا لما دل على
Bogga 30
وجوب القضاء إذا نام الجنب متعمدا - كصحيحتي الحلبي (1) والبزنطي (2)، كما استدل به في المدارك (3) ثم رده بأن الظاهر من تعمد النوم العزم على ترك الاغتسال (4) - بل لاطلاق مرسلة إبراهيم بن عبد الحميد المتقدمة (5) في من أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا، وقضاء ذلك اليوم، ويتم صيامه، ولن يدركه أبدا " (1).
ونحوها رواية المروزي (7) وصحيحة ابن مسلم " عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثم ينام قبل أن يغتسل؟ قال: يتم صومه ويقضى ذلك اليوم إلا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر، فإن انتظر ماء يسخن أو يستقى (8) فطلع الفجر فلا شئ " (9).
وفحوى ما سيجئ من وجوب القضاء على الحائض إن طهرت بليل،
Bogga 31
وتوانت أن تغتسل (1) فإن وجوب القضاء مع التواني - الشامل لما إذا قصده لكن مع التكاهل - يدل على وجوبه مع عدم نية الفعل (2) بطريق أولى، فتأمل.
وسيجئ أن الأقوى حرمة النوم مع التردد في الغسل وعدمه.
حكم التيمم مع عدم التمكن من الغسل ثم لو لم يتمكن المكلف من الغسل فهل يجب عليه التيمم؟ فيه قولان:
من عموم المنزلة في صحيحة حماد " هو بمنزلة الماء " (3) وفي الروايات " هو أحد الطهورين " (4) وهو مذهب المحقق (5) والشهيد الثانيين (6)، خلافا للمحكي عن المنتهى (7).
ومن أن (8) المانع هو حدث الجنابة، والتيمم لا يرفعه، وهو طهور بمنزلة الماء في كل ما يجب فيه الغسل، لا فيما يتوقف على رفع الجنابة (9)، ويشعر به قوله عليه السلام - في صحيحة ابن مسلم - " فإن انتظر ماء يسخن، أو يستقى فطلع الفجر فلا شئ " (10) حيث أنه لم يؤمر بالتيمم، ولذا لم يذكروا - في كتاب الطهارة - من التيمم (11) الواجب ما كان لصوم واجب، كما عدوا للصلاة (12)
Bogga 32
والطواف الواجبين، بل مقتضى ذكرهم وجوب الغسل للصوم ذكر التيمم - أيضا - له (1) بمقتضى المقابلة.
نعم ذكروا أنه يجب التيمم لكل ما يجب له المائية، لكن هذا الكلام - على فرض الدلالة - لم يبلغ حد الاجماع، مع مخالفة المصنف رحمه الله في المنتهى (2) وتردده في النهاية (3) كما عن الذكرى (4).
نعم، قال في المعتبر: يجوز التيمم لكل من وجب عليه الطهارة المائية، وادعى عليه إجماع المسلمين (5).
وكيف كان، فالأحوط: التيمم.
وعليه، فهل يجب أن يبقى مستيقظا لئلا يبطل تيممه أم لا؟ أقواهما وأحوطهما: الأول.
ولو تعمد تأخير الغسل حتى ضاق الوقت عصى وتيمم.
وظاهر إطلاقات ترك الغسل متعمدا - كرواية أبي بصير السابقة (6) - وجوب القضاء عليه، بل الكفارة.
الامساك عن تعمد البقاء على الحيض والنفاس وهل يلحق بالجنابة الحيض؟ المشهور نعم، بل عن المقاصد العلية نفي الخلاف فيه (7)، لرواية أبي بصير " إن طهرت بليل ثم توانت أن تغتسل فعليها قضاء ذلك اليوم " (8) خلافا للمحكي عن صاحب المدارك (9) والأردبيلي (10) ومحكي
Bogga 33
النهاية (1).
(ثم إن النفساء مثل الحائض بلا خلاف ظاهرا، كما حكي التصريح بالوفاق عن الغنية (2) والسرائر (3) والمعتبر (4) والتذكرة (5). قيل: ويدل عليه الرواية المصححة (6) " الحائض مثل النفساء " (7) ولأن دم النفاس دم الحيض - كما عن جماعة (8) -) (9).
عدم توقف الصوم على غسل المس وأما غسل المس فلم يذكر الأصحاب قولا بتوقف الصوم عليه، بل عن مجمع الفائدة عدم القول به (10)، إلا أنه حكى بعض مشايخنا عن بعض نسخ رسالة علي بن بابويه القول بالتوقف (11) وهو ضعيف على فرضه (12).
Bogga 34