بشير عن محمد بن عمرو عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: «من حج إلى مكة ثم قصدني في مسجدي كتبت له حجتان مبروتان» .
فالجواب أن هذا الخبر ليس فيه ذكر زيارة القبر ولا قوله: من جاءني زائرًا لا تعمله حاجة إلا زيارتي مع أن خبر موضوع، وحديث مصنوع لا يحسن الاحتجاج به، ولا يجوز الاعتماد على مثله، وفي إسناده ممن لا يحتج بحديثه ولا يعتمد على روايته غير واحد من الرواة منهم أسيد بن زيد الجمال الكوفي (١) قال: إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سألت يحيى بن معين عنه، فقال: كذاب أتيته ببغداد في الحذائين فسمعته يحدث بأحاديث كذب، وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين: وأسيد كذاب ذهبت إليه إلى الكرة، ونزل في دار الحذائين فأردت أن أقول له: يا كذاب ففرقت من شفار الحذائين وقال أبو حاتم الرازي (٢): (قدم الكوفة من بعض أسفاره فأتاه أصحاب الحديث ولم آته وكانوا يتكلمون فيه) وقال النسائي (٣): (متروك الحديث) وقال ابن حبان (٤): (يروي عن شريك والليث بن سعد وغيرهما من الثقات المناكير، ويسوق الحديث ويحدث به)، وقال ابن عدي (٥): (يتبين على روايته الضعف، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه)، وقال الدارقطني: ضعيف الحديث، وقال أبو نصر بن ماكولا (٦): (ضعفوه) وقال الخطيب (٧): (قدم بغداد وحدث بها وكان غير مرضي في الرواية) ولو فرض صحة هذا اللفظ الذي رواه أسيد بن زيد الجمال وقدر ثبوت ما رواه مسلمة بن سالم الجهني، وما رواه موسى بن هلال العبدي، لم يكن في شيء من ذلك دلالة على الزيارة على غير الوجه المشروع، وشيخ الإسلام لا ينهي عن الزيارة الشرعية ولا ينكرها.
وقد قال في أثناء كلامه في الجواب عما اعترض به عليه بعض قضاة المالكية في مسألة أعمال المطي إلى القبور بعد أن ذكر النزاع في السفر إلى مجرد زيارة القبور (٨)
_________
(١) انظر ترجمته في الميزان للذهبي ١/٢٥٦ والضعفاء للعقلي ١/٢٨ والتاريخ الكبير للبخاري ٢/١٥.
(٢) انظر الجرح والتعديل ٢/٣١٨.
(٣) انظر الضعفاء والمتروكين للنسائي ص٥٥ الطبعة المحققة طبعة مؤسسة الكتب الثقافية.
(٤) انظر المجروحين ١/١٧١.
(٥) انظر الكامل لابن عدي ١/٣٩١ - ٣٩٢.
(٦) انظر الإكمال لابن ماكولا ١/٥٥
(٧) انظر تاريخ بغداد ٧/٤٧.
(٨) الرد على الاخنائي ص١٥-١٦.
1 / 57