له سواء كان نبيًا أو غير نبي، كما كان النبي ﷺ يأمر أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول أحدهم: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم» (١) . وهكذا يقول إذا زار أهل البقيع، ومن به من الصحابة وغيرهم أو زار شهداء أحدوغيرهم.
وليس الصلاة عند قبورهم غير مستحبة عند أحمد من أئمة المسلمين بل الصلاة في المساجد التي ليس فيها قبل أحد من الأنبياء والصالحين وغيرهم أفضل من الصلاة في المساجد التي فيها ذلك باتفاق أئمة المسلمين، بل الصلاة في المساجد التي على القبور، إما محرمة (٢)، وإما مكروهة.
وأما الزيارة البدعية: فهي أن يكون مقصود الزائر أن يطلب حوائجه من ذلك الميت أو يقصد الدعاء عند قبره، أو يقصد الدعاء به فهذا ليس من سنة النبي ﷺ، ولا استحبه أحد من سلف الأمة، بل هو من البدع المنهي عنها باتفاق سلف الأمة وأئمتها، وقد كره مالك وغيره أن يقول القائل: زرت قبر النبي ﷺ وهذا اللفظ لم ينقل عن النبي ﷺ بل الأحاديث المذكورة في هذا الباب مثل قوله: «من زارني وزار أبي في عام واحد ضمنت له على الله الجنة» وقوله «من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي ومن زارني بعد مماتي حلت عليه شفاعتي» ونحو ذلك كلها أحاديث ضعيفة بل موضوعة ليس في شيء من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها ولا نقلها إمام من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا نحوهم، ولكن روى بعضها البزار والدارقطني (٣)، ونحوها بإسناد ضعيف لأن من عادة الدارقطني وأمثاله أن يذكروا هذا في السنن ليعرف، وهو وغيره يبينون ضعف الضعيف من ذلك والله ﷾ أعلم.
_________
(١) تقدمت الإشارة إلى بعض أحاديث الزيارة صفحة ٣١ حاشية (١) .
(٢) قد ألف الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رسالة في هذا وسماها (تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد» طبعت عدة طبعات فراجعها فإنها نفيسة جدًا واقرأها بتمعن: يجزاه الله خيرًا.
(٣) انظر سنن الدارقطني ٢/٢٧٨.
1 / 48