وقال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ (البقرة ١٦٥) فمن سوى بين الخالق والمخلوق في الحب له والخوف منه والرجاء له فهو مشرك.
والنبي ﷺ نهى أمته عن دقيق الشرك وجليله حتى قال ﷺ: «من حلف بغير الله فقد أشرك» (١) رواه أبو داود وغيره، وقال له رجل ما شاء الله وشئت فقال: أجعلتني لله ندًا، بل ما شاء الله وحده (٢)، وقال: «لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد» (٣) .
وجاء معاذ بن جبل مرة فسجد له فقال له: «ما هذا يا معاذ؟» فقال: يا رسول الله رأيتهم في الشام يسجدون لأساقفتهم فقال: «يا معاذ إنه لا يصلح السجود إلا لله ولو كان آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها» (٤) .
فلهذا فرق النبي ﷺ بين زيارة أهل التوحيد وبين زيارة أهل الشرك: فزيارة أهل التوحيد لقبور المسلمين تتضمن السلام عليهم والدعاء لهم وهو مثل الصلاة على جنائزهم، وزيارة أهل الشرك تتضمن أنهم يشبهون المخلوق بالخالق: ينذرون له ويسجدون له ويدعونه ويحبونه مثل ما يحبون الخالق فيكونون قد جعلوه لله ندًا وسووه برب العالمين.
وقد نهى الله أن يشرك به الملائكة والأنبياء وغيرهم فقال تعالى: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ
_________
(١) حديث صحيح وسيأتي الكلام عليه تحت رقم ٧٢٨ وانظر تخريجه موسعًا في تحقيقنا للواسطة بين الحق والخلق.
(٢) حديث صحيح وسيأتي في الكلام عليه صفحة ٣٣٨ حاشية (١)
(٣) حديث صحيح وسيأتي الكلام عليه صفحة ٣٣٨ حاشية (١) .
(٤) حديث معاذ رواه أحمد ٥/٢٢٧، ٢٢٨ وهو ضعيف لأنه جاء من طريق أبي ظبيان عن رجل عن معاذ فعلم أن الحديث يدور على مبهم. =
=لكن أصل الحديث رواه الترمذي من حديث أبي هريرة والحاكم عن بريدة وأحمد وابن ماجه وابن حيان عن عبد الله بن أبي طالب أوفي والحديث بمجموع طرقه ثابت.
1 / 37