ذلك، فلم يذكر في زيارة قبره غير هذا الحديث، وترجم عليه (باب زيارة القبر) مع أن دلالة الحديث على المقصود فيها نزاع وتفصيل، فإنه لا يدل على كل ما يسميه الناس زيارة باتفاق المسلمين.
ويبقى الكلام المذكور فيه، هل هو السلام عند القبر، كما كان من دخل عليه عائشة يسلم عليه، أو يتبادل هذا والسلام عليه من خارج الجرة، فاذلين استدلوا به جعلوه متناولًا لهذا، وهذا هوغاية ما كان عندهم في هذا الباب عنه ﷺ وهو ﷺ يسمع السلام من القرب، وتبلغه الملائكة عن أمتي السلام» (١)، وفي السنن عن أوس بن أوس أن النبي ﷺ قال: «وأكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت فقال: «إن الله حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء» صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا (٢) .
وذكر مالك في موطئه أن عبد الله بن عمر كان يأتي فيقول: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت (٣)، ثم ينصرف، وفي رواية كان إذا قدم من سفر، وعلى هذا اعتمد مالك ﵀ فيما يفعل عند الحجرة إذ لم يكن عنده إلا أثر ابن عمر، وأما ما زاد على ذلك مثل الوقوف للدعاء للنبي ﷺ، ومع كثرة الصلاة والسلام عليه، فقد كره مالك،وذكر أنه بدعة لم يفعلها السلف ولا يصلح آخر هذه الأمة، إلا ما أصلح أولها والله تعالى أعلم.
قال المعترض
وأما الإجماع فقد حكاه القاضي عياض على ما سبق في الباب الرابع، وأعلم أن العلماء مجمعون على أن يستحب للرجال زيارة القبور، بل قال بعض الظاهرية بوجوبها للحديث المذكور، ومن حكى إجمال المسلمين على الاستحباب أبو زكريا النووي وقد رأيت في مصنف ابن أبي شيبة عن الشعبي، قال: لولا رسول الله ﷺ نهى عن زيارة القبور لزرت قبر ابنتي، وهذا إن صح يحمل مع أن الشعبي لم يبلغ الناسخ من أن
(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه
(٣) تقدم تخريجه وهو صحيح.