كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم احشرنا في زمرته، وتوفنا على سنته، وأوردنا حوضه وأسقنا بكأسه مشربًا رويًا لا نظمأ بعده أبدًا (١) .
ثم يأتي أبا بكر وعمر ﵄ فيقول: السلام عليك يا أبا بكر الصديق، السلام عليك يا عمر الفاروق، السلام عليكما يا صاحبي رسول الله ﷺ وضجيعيه ورحمة الله وبركاته، جزاكما الله عن صحبة نبيكما وعن الإسلام خيرًا، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار (٢) .
قال ويزور قبور أهل البقيع وقبور الشهداء إن أمكن.
هذا كلام الشيخ ﵀ بحروفه، وكذلك سائر كتبه ذكر فيها استحباب زيارة قبر النبي ﷺ وسائر القبور، ولم ينكر زيارتها في موضع من المواضع، ولا ذكر في ذلك خلافًا إلا نقلًا عن غريبًا ذكره في بعض كتبه عن بعض التابعين.
وإنما تكلم عن مسألة شد الرحال وإعمال المطي إلى مجرد زيارة القبور، وذكر في ذلك قولين للعلماء المتقدمين والمتأخرين.
أحدهما: القول بإباحة ذلك كما يقول بعض أصحاب الشافعي وأحمد.
والثاني: إنه منهي عنه كما نقص عليه إمام دار الهجرة مالك بن أنس، ولم ينقل عن أحد من الأئمة الثلاثة خلاف، وإليه ذهب جماعة من أصحاب الشافعي وأحمد.
وهكذا ذكر الشيخ الخلاف في شد الرحال وإعمال المطي إلى القبور، ولم يذكره في الزيارة الخالية عن شد رحل وإعمال مطي (٣)، والسفر إلى زيارة القبور مسألة، وزيارتها من غير سفر مسألة أخرى، ومن خلط هذه المسألة بهذه المسألة جعلها مسألة واحدة وحكم عليهما بحكم واحد وأخذ في التشنيع على من فرق بينهما وبالغ في التغيير عنه فقد حرم التوفيق، وحاد عن سواء الطريق.
واحتج الشيخ لمن قال بمنع شد الرحال وإعمال المطي إلى القبور بالحديث
_________
(١) وهذا الذكر الذي أتى به هنا ليس بملزم بل له أن يأتي بغيره.
(٢) وهذا أيضًا ليس بملزم.
(٣) يعني أنه هذا مشروعه.
1 / 18