فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا
11 .
لو كنت لا تعرف قصة هذه السفينة، أليس من الطبيعي أن يتولاك العجب؟
وأليس من الطبيعي أن تروح تنشئ في ذهنك الأسباب التي تجعل رجلا أوتي علما من لدن الله سبحانه وتعالى يخرق سفينة؟ امض مع الأحداث:
فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا .
وقتل أيضا. أرأيت النبأ كيف استقام للقصص المعجز؟ قتل من رجل عامد. ألست في ذهول؟ وموسى يسأل، فيذكره بأنه قال له منذ أول الأمر أنه لن يستطيع معه صبرا، ولكن موسى يعتذر، وينطلقان.
فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا * قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا (سورة الكهف: آية 78).
وتمضي الآيات تتوالى؛ فالسفينة لمساكين يعملون في البحر، فأراد أن يعيبها، حتى لا يستولي عليها ملك ظالم، كان يسير خلف هؤلاء المساكين. هل يمر هذا السبب بذهن أحد؟
والغلام، ذلك الذي قتل، ما شأنه؟ كان أبواه مؤمنين، وكان يعلم أنه سيرهقها طغيانا وكفرا فخلصهما منه ليهب لهما خيرا منه وأقرب رحما. أتراك أدركت ما يتخفى وراء هذه القصة من معنى رفيع آخر؟ لا شك أن الأبوين حين فقدا ولدهما، اعتبرا هذا كارثة حلت بهما، لأنهما لا يطلعان على الغيب، كما يطلع العبد الصالح. وراء هذه الآية أنه رب كارثة حاقت بإنسان ما، فإذا اطلع على الغيب وجدها نعمة قدرها له الله، فأحسن سبحانه تقديرها، فما شأن الجدار إذن؟ إنه لغلامين يتيمين في المدينة. وكان تحته كنز لهما، وكان أبوهما صالحا، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يحفظ لهما الكنز حتى يبلغا أشدهما، ويستخرجا كنزهما، رحمة من الله جل وعز، ثم هو يقول إنه ما فعل شيئا من هذا من تلقاء نفسه. وإنما كان أداة لتنفيذ مشيئة رب العالمين.
وتتضح أسرار القصة وتبلغ منتهاها، أروع ما تبلغ قصة منتهاها، إعجازا من الإعجاز، ولا يقوله غير الله جل وعلا وسبحانه.
Bog aan la aqoon