56

هي تارة أم رءوم تفيض بحنان الأمهات حتى ليوشك أن تسع به أطفال العالمين، وحسبك أن ترسمها هكذا ولا تضع في أحضانها طفلا يرضع ولا إلى جانبها طفلا يدرج، لتستحق الصورة عنوان الأمومة.

وهي تارة أخرى شريدة بوهيمية لم تستقر قط في دار ولا وطن، وما استقرت قط مع عشيق.

لها صورة إلى جانب سرير لو نحيت عنها السرير جانبا لمثلت لك راهبة خاشعة تهم بالصلاة، أو ضحية من ضحايا الآلهة تساق إلى محراب القربان.

ولها صورة على سفح الهرم لو أخفيت منها الهرم لخلتها حورية مخمورة في أرض يونان القديمة تهم بالرقص في كروم باخوس.

وكان همام يراقب هذه الشخوص ويتصفح هذه الوجوه وهو مغتبط تارة ومشفق تارة أخرى، ويعزو تقلبها واطرادها إلى الفتوة الحية التي لم تحبس في محابس الأفكار والعادات والتقاليد، فهي أبدا في أيدي العواطف والنوازع كعجينة الخلق المهيأة للصوغ والتركيب في كل ساعة.

وخطر له أن ينشئ حولها رواية مسرحية هي جميع أبطالها، وهي البطل الوحيد فيها، تدور محاوراتها على المثال الآتي:

سارة :

إني لا أرضى أن أصاحبك في الطريق وأنت في هذه الثياب الفاضحة.

سارة :

وهل تحسبين أنني أسر بمصاحبتك وأنت بهذه السحنة العابسة وهذه المسوح المحزنة وهذا الزي الذي يشبه زي الحداد؟

Bog aan la aqoon