فقال شافروف بلطف: «إني أجتهد أن يكون كلامي مفهوما من الجميع.»
فقالت ديبوفا وأومأت إيماءة التسليم بقضاء الله: «حسن جدا قل ما بدا لك.»
وضحكت سينا أيضا من شافروف وأعادت رأسها إلى الوراء فبدا للعين جيدها الأتلع الناصع وكانت ضحكتها موسيقية منغمة.
فقال شافروف وعينه إلى ديبوفا: «لقد وضعت برنامجا، ولكني أخشى أن تملكم قراءته وأرى أن نبدأ بكتاب «أصل الأسرة» مع مؤلفات داروين. أما من حيث الأدب فلنبدأ بتولستوي.»
فصاح فون دايتز وهو راض عن نفسه وفي يده سيجارة يشعلها: «تولستوي بكل تأكيد!»
وانتظر شافروف حتى أشعل صاحبه السيجارة ثم قال: «ثم بتشكوف وأبسن وكنوت همسون.»
فصاحت سينا: «ولكنا قرأنا كل هؤلاء!»
فاهتز يوري لصوتها وقال: «بالطبع! إن شافروف ينسى أننا لسنا في مدرسة وما أعجب هذا الخلط! تولستوي وكنوت همسون!»
فساق شافروف بعض الحجج تعزيزا لرأيه ولكنه بعثرها فلم يفهمه أحد، فقال يوري وسره أن سينا تنظر إليه: «كلا! لا أوافقك.» وراح يشرح رأيه في الموضوع وأكثر ما يعنيه من الكلام أن يفوز بموافقة سينا فحمل على مشروع شافروف حملة شعواء، وأنحى حتى على ما يوافق عليه منه، وتلاه جوشنكو فأدلى برأيه وكان يعد نفسه أذكاهم وأنصحهم وأعظمهم تهذيبا، وكان يتوقع أن يفوز بالمحل الأول فغاظه ما وفق إليه يوري من النجاح فعارضه في رأيه، وتلت ذلك مناقشة طويلة لا آخر لها، وشرع نوفيكوف وجوتشكو وإيفانوف يتكلمون جميعا في وقت واحد، واختلطت الأصوات اختلاطا لم يعد معه مجال للفهم. ولزم سولوفتشك الصمت في هذه الحرب وجلس في زاوية يصغي، وكان في أول الأمر عظيم الاهتمام ثم لم يلبث الشك والأسى أن غضنا وجهه ورسما خطوطا حول فمه وعينيه.
وكان سانين يشرب ويدخن ولا يقول شيئا وعلى وجهه دلائل الملل، ولما علت الضجة ولم تعد محتملة وقف وأطفأ سيجارته وقال: «ألا تشعرون أن هذه حالة لا تطاق؟»
Bog aan la aqoon