130

فقال الضابط الهزيل ورفع صوته كأنما يلقي بيانا: «إنه كتاب عن النساء بقلم تولستوي.» وكانت على وجهه الطويل الهضيم آيات الزهو والمباهاة بأنه يقرأ تولستوي ويبحثه.

فسأله إيفانوف وقد لاحظ دلائل هذا الزهو: «أوتقرأ تولستوي؟»

وقال مالينوسكي مجيبا عنه: «إن فون دايتز مجنون بتولستوي.»

وتناول سارودين الكتاب الصغير وقلب بعض صفحاته وقال: «أهو لذيذ؟»

فقال فون دايتز بحماسة: «سترى. لعمري إنه لعقل! ويخيل لك بعد قراءته كأنما كنت تعرف هذا من قبل!»

فسأل نوفيكوف بصوت منخفض وعيناه إلى الكأس في يده: «ولكن لماذا تطلب إلى فيكتور سرجيفنش (سارودين) أن يقرأ تولستوي، مع أن له آراء خاصة عن النساء؟»

فقال سارودين بحذر وقد استروح نية الهجوم: «ما الذي يجعلك تظن هذا؟»

فصمت نوفيكوف وكان يود أن يلطم سارودين على وجهه الحسن الذي ينم على الرضى عن النفس وأن يطرحه على الأرض ويلكزه لكز من طغى بصدره ورأسه جنون العاطفة. ولكن الألفاظ التي يطلبها خانته. وأدرك - وآلمه أن يدرك - أنه ينطق بما لا يريد حين قال: «حسب المرء أن ينظر إليك ليعرف ذلك.»

فأحدثت لهجته الغريبة المنذرة سكونا مباغتا كأنما ارتكبت جريمة قتل وفطن إيفانوف إلى سر المسألة وقال سارودين ببرود: «يخيل إلي أن ...» وتغيرت هيئته قليلا وإن كان قد ملك عواطفه وضبطها.

فصاح بهما إيفانوف: «مهلا مهلا يا سادتي، ماذا حدث؟»

Bog aan la aqoon