108

فقال سانين وزاد ابتساما: «أوه. إني أنا وكوسما صديقان قديمان.»

فضحك كوسما وانفرجت شفتاه عن بقايا أسنانه الصفراء المتداعية وجعل يربت ركبة سانين بيده الخشنة وقال: «نعم نعم. اجلسا يا أناتول بافلوفتش وذوقا هذا البطيخ وأنت يا سيدي الشاب ما اسمك؟»

فقال يوري مسرورا: «يوري نيقولا بيفتش»

وأحس بعض الارتباك ولكنه أحب هذ الفلاح الشيخ الرقيق وارتاح إلى لهجته الودية. وقال كوسما: «يوري نيقولا بيفتش. آها. يجب أن نتصادق. اجلس يا يوري.» فجلسا قريبا من النار على جذعين كبيرين وقال كوسما: «والآن أريانا ما صدتما.»

فأفرغا من الحقيبتين كوما من الطيور المقتولة وتلوثت الأرض بدمها، وكان لها في ضوء النار المضطرب منظر منفر وبدا الدم أسود اللون، وكأنما كانت المخالب تتحرك.

فرفع كوسما بطة وأمر يده تحت جناحيها متحسسا، وقال: «هذه بطة سمينة. يجب يا أناتول أن تدع اثنتين. وماذا عساك تصنع بكل هذه؟»

فقال يوري في خجل: «خذها كلها.»

فضحك الشيخ قائلا: «لماذا آخذها كلها؟ إنك أكرم مما يجب. لا آخذ سوى اثنتين.» ودنا منهم في هذه اللحظة فلاحون آخرون ومعهم نساؤهم ولم يستطع يوري أن يميز وجوههم لفرط ما أزاغت النار من نظره، وكان الوجه تلو الوجه يخرج من الدجى ثم لا يكاد يظهر حتى يغيب.

ورمى سانين الطيور بعينه وهو عابس ثم أدار وجهه ونهض واستكره أن يرى هذه المخلوقات الجميلة مكسورة الأجنحة ملطخة بالدم والتراب.

وراقب يوري كل شيء باهتمام وهو يمص بطيخة كبيرة ناضجة شهية قطعها له كوسما بسكين يدها من العظم الأصفر وقال كوسما: «كل يا يوري. إن هذه البطيخة جيدة. إني أعرف أختك الصغيرة لياليا وأباك أيضا. كل وتمتع.»

Bog aan la aqoon