إذن، فقد أعلن لي حلمي أن صانع النجوم كامل ومطلق على نحو أبدي. بالرغم من ذلك، فقد كان في بداية الزمن الملائم لنمطه الإبداعي إلها صغيرا، متململا، ومتحمسا، وجبارا، لكنه كان يفتقر إلى وضوح الإرادة. كان يتمتع بجميع القوى الإبداعية؛ فكان باستطاعته أن يصنع جميع أنواع العوالم بمختلف السمات الفيزيائية والذهنية، غير أنه كان يفتقر فقط إلى المنطق؛ ومن ثم فقد كان باستطاعته أن يسن قوانين طبيعية في غاية الإدهاش، لكنه لم يكن يستطيع مثلا أن يجعل اثنين في اثنين يساوي خمسة. في مرحلته المبكرة هذه، كان مقيدا أيضا بعدم نضجه. كان لا يزال في سبات مرحلة الطفولة. وبالرغم من أن المصدر غير الواعي لعقليته المستكشفة والمبدعة على نحو واع لم يكن سوى جوهره الأبدي، فإنه لم يمثل على المستوى الواعي في بداية الأمر سوى الشغف الأعمى والمبهم للإبداع.
انطلق في بدايته على الفور في استكشاف قدرته. جسم من نفسه شيئا من مادته غير الواعية ليكون الوسيط لفنه، ثم صاغه بهدف واع؛ ومن ثم فقد راح مرة بعد أخرى يشكل الدمى من الأكوان واحدا تلو الآخر.
غير أن المادة الإبداعية غير الواعية لدى صانع النجوم لم تكن سوى روحه الأبدية نفسها؛ صانع النجوم في نسقه الأبدي الكامل؛ ومن ثم حدث في مراحل عدم نضجه أنه كان إذا استدعى من أعماقه المادة الخام لأحد الأكوان، اتضح أن المادة نفسها ليست عديمة الشكل بل غنية بالكثير من الإمكانات غير المحددة، سواء المنطقية أو الفيزيائية أو الحيوية أو النفسية. وفي بعض الأحيان، كانت هذه الإمكانات في بعض الأحيان تستعصي على الهدف الواعي لصانع النجوم الفتي . لم يكن يتمكن من التوفيق بينها على الدوام، فضلا عن تحقيقها على أرض الواقع. لقد بدا لي أن خصوصية الوسط نفسه هي التي غالبا ما كانت تعجز خطته، لكنها كانت تقدم المزيد من التصورات الخصبة مرارا وتكرارا. ووفقا لأسطورتي، ظل صانع النجوم يتعلم من مخلوقه مرة تلو الأخرى؛ ومن ثم فقد تفوق على مخلوقه، واشتهى أن ينفذ خطة أكبر. ومرة تلو الأخرى، راح ينحي كونا قد انتهى منه جانبا، ويستدعي من نفسه كونا جديدا.
في الجزء المبكر من حلمي، كان الشك ينتابني عديدا من المرات بشأن ما كان صانع النجوم يسعى إلى تحقيقه في خلقه. كنت أرى أن هدفه لم يكن واضحا له في البداية، وكان عليه هو نفسه أن يكتشفه تدريجيا، وكثيرا ما كان يبدو لي أن عمله تجريبي وهدفه مشوش. غير أنه قرب نهاية مرحلة نضجه، كان قد شاء أن يخلق على نحو مكتمل قدر الإمكان، وأن يستحضر القوة الكامنة في وسطه بأكملها، وأن يصوغ أعمالا متزايدة الدقة ومتزايدة التنوع المتناغم. ومع اتضاح هدفه بدرجة أكبر، بدا أيضا أنه ينطوي على الرغبة في خلق أكوان يمكن أن يتضمن كل منها إنجازا فريدا من الوعي والتعبير؛ ذلك أن تحقيق المخلوق للإدراك والإرادة كان على ما يبدو هو الأداة التي من خلالها انتقل صانع النجوم نفسه، كونا تلو الكون، إلى مرحلة أشد من الصفاء.
وعلى هذا النحو، ومن خلال تتابع مخلوقاته، قد حدث أن تقدم صانع النجوم من مرحلة إلى مرحلة في التطور من الطفولة الإلهية إلى النضج الإلهي.
وعلى هذا النحو فقد أصبح في النهاية، ما كان هو بالفعل في البداية - من وجهة النظر الأبدية - أساس جميع الأشياء وتاجها.
وعلى النحو غير العقلاني المألوف في الأحلام، كانت هذه الأسطورة أو الحلم التي انبثقت في ذهني تصور الروح الأبدية على أنها هي سبب تلك المجموعة اللانهائية من أشكال الوجود المحدودة، وهي نتيجتها في الوقت ذاته. وعلى نحو غير مفهوم، كانت جميع الأشياء المحدودة بالرغم من كونها خيالات الروح المطلقة من ناحية ما، هي في حد ذاتها جوهرية لوجود الروح المطلقة نفسها. فبدون هذه الأشياء، لم يكن للروح المطلقة وجود. أما عما إذا كانت هذه العلاقة المبهمة تمثل حقيقة مهمة أم أنها محض خيالات أحلام تافهة، فهذا ما لا أستطيع قوله.
الفصل الخامس عشر
الصانع وأعماله
(1) الخلق غير الناضج
Bog aan la aqoon