تحترق ، وروائح دماغه تفوح ، وهو يمضغ ورق التانبول (1) وحب الفوفل. فإذا طاف في الأسواق وانتهى إلى تلك النار وهو غير مكترث لا يتغير في مشيته ، فمنهم من إذا أشرف على النار وقد صارت جمرا كالتل العظيم تناول بيده خنجرا فيضعه في لبته.
قال : وقد حضرت ببلاد صيمور من بلاد الهند سنة أربع وثلثمائة فرأيت رجلا من فتيانهم وقد طاف على ما وصفنا في أسواقهم ، فلما دنا من النار أخذ الخنجر فوضعه على فؤاده فشقه ثم أدخل يده الشمال فقبض على كبده فجذب منها قطعة وهو يتكلم ، فقطع منها قطعة بالخنجر فدفعها إلى بعض أخوته تهاونا بالموت ، ولذة بالنقلة ، ثم هوى بنفسه في الناء. وإذا مات الملك من ملوكهم أو قتل ، حرق كثير من الناس أنفسهم لموته.
وللهند أخبار عجيبة تجزع من سماعها النفوس ، وأنواع المقاتل تألم عند ذكرها الأبدان وتقشعر منها الأبشار.
وذكر أن الأغلب عليهم في لعبهم القمار بالشطرنج والنرد على الثياب والجوهر ، وربما أنفذ الواحد ما معه فيلعب على قطع عضو من أعضاء جسمه ، وهو أن يحضر لهم قدر من النحاس صغير على نار فحم فيها دهن لهم أحمر ، فيغلي ذلك الدهن ، وهو دهن مدمل للجراح وماسك لسيلان الدم ، ويجمعون خنجرا. فإذا لعب في أصبع من أصابعه وقمر قطعها بذلك الخنجر وهو مثل النار ، ثم غمس يده في ذلك الدهن فكواها ثم عاد إلى لعبه. فإن توجه عليه اللعب في قطع الأصابع والكف ثم الذراع والزند وسائر الأطراف وكل ذلك يستعمل فيه الكي بذلك الدهن وهو دهن عجيب يعمل من أخلاط وعقاقير بأرض الهند ، وهو عجيب المعنى لما ذكرنا ، وما ذكرناه عنهم مستفيض من فعلهم.
قلت : أما أنواع تعذيبهم لأنفسهم فباق إلى زماننا هذا ، فمن ذلك أنه إذا
Bogga 234