ومما ذكرنا ظهران العلامات الثلث المذكورة في كلام المصنف وغيره قدس الله اسرارهم لأهل العراق غير مطابقة والجمع بينها كما في المقاصد العلية يحصل بأحد أمرين (الأول) بتقيد كلماتهم بحمل العلامة الأولى والثالثة على أطراف العراق الغربية كالموصل ونحوها مما قارب مكة في الطول وتقيد الثانية بأوساط العراق ككوفة وبغداد والمشهد والحلة ونحوها مما يزيد طوله على طول مكة ويبقى أطراف العراق الشرقية كالبصرة ونحوها غير منصوص عليه في كلماتهم فان قبلتهم أزيد انحرافا إلى المغرب من أوساط العراق ولذا علمت فيما حكى على ما صح بجعل الجدي على الخد الأيمن (والثاني) اغتفار هذا التفاوت في اعتبار الجهة فان مسامتة البعيد لا يؤثر فيها هذا لاختلاف ويؤيده اطلاق رواية ابن مسلم الذي هو من سكان الكوفة في وضع الجدي على القفاء وما نسبه في الذكرى إلى أكثر الأصحاب من جعل قبلة العراق وخراسان واحدة مع ما قيل من أن طول جملة من بلادها يزيد على مكة بستة عشر درجة وطول كوفة يزيد عليها بدرجتين بل في المقاصد العلية ان انحراف قبلة خراسان إلى المغرب يقرب من نصف ما بين نقطتي المغرب والجنوب وقوى في المقاصد العلية الوجه الأول بعد ان نفى البعد عن الثاني مع مبالغته في الروض في نفى الوجه الثاني والانصاف ان كلا من الوجهين في غاية البعد إما (الأول) فلانه مضافا إلى كونه اجمالا في مقام البيان بل اغراء بخلاف الواقع مناف لما نسب إلى الأكثر ومنهم المصنف والمحقق قدس سرهما من اتحاد قبله خراسان والعراق فان شيئا من العلامات الثلاث لا ينطبق على بلد ينحرف قبلته إلى المغرب قريبا من نصف ما بين نقطتي الجنوب والمغرب واما الثاني فلرجوعه في الحقيقة إلى عدم وجوب المسامته على البعيد وما ذكر من أن مسامتة البعيد لا تؤثر فيها هذا الاختلاف مخالف للمحسوس فان من استقبل في بلده نقطة الجنوب وعلم أن مكة زادها الله شرفا متوسطة فيما بين نقطتي الجنوب والمغرب فهو غير مسامت لمكة قطعا ولو جاز هذا المقدار من التياسر عن مكة مسامحة لزم جواز مثله في التيامن عنها فيجوز لهذا الشخص استقبال نقطة المغرب إذا المفروض ان نسبة نقطي المغرب والجنوب إلى مكة في هذا الفرض قريبة من التساوي أو متساوية مع أنهم حكموا ببطلان العبادة مع التغريب المحض ووجوب الإعادة فيما لو ظهر ذلك بعد ظن المطابقة فضلا عما لو تعمده فتأمل هذا كله مع أن سياق كلماتهم في بيان هذه العلامات ظاهرة في المداقة آبية عن المسامحة ولذا خصوا موضع الجدي بحذاء المنكب الأيمن ولم يطلقوا ذكر القفاء تبعا لرواية ابن مسلم واعلم أن المشهور كما صرح
Bogga 56