بسبب كروية الأرض لموقف ذلك الصف الطويل لا يوجب التقاء الخطوط الخارجة واتصالها بالحرم كما هو معلوم بالحدس ويمكن ان يستعلم بالحس ثم إن ظاهر المتن اختصاص الجهة بالبعيد والحق به جماعة القريب العاجز عن العلم بالعين وهو حسن مع شمول أدلة الجهة له والا فالأقوى والأحوط له تحصيل الظن بالعين ويمكن إرادة ذلك من المتن بان يراد باستقبال العين استقبالها علما أو ظنا واعلم أنهم اختلفوا في تعريف الجهة التي هي قبلة البعيد ولا ثمرة في ذكرها بعد اتفاق كلهم أو جلهم على وجوب اعمال العلامات الآتية وشبهها نعم ربما يظهر من جماعة من متأخري المتأخرين عدم وجوب ذلك وانه يكفى ان يصدق في العرف التوجه إلى جانب الكعبة لقوله تعالى فولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام بل لعموم قوله تعالى " أينما تولوا فثم وجه الله " خرج منه ما خرج بالاجماع وقوله (ع) في صحيحة معوية بن عمار ما بين المشرق والمغرب قبله وفي صحيحة زرارة لا صلاة الا إلى القبلة قلت وأين حد القبلة قال ما بين المشرق والمغرب وربما استظهر سيد مشايخنا في مناهله ذلك من عبارتي المعتبر والمنتهى حيث عرفا الجهة بالسمت الذي فيه الكعبة قال فإذا كان الكعبة في جهة الجنوب أو الشمال كانت القبلة بالنسبة إلى النائي جميع ما بين المشرق والمغرب وإذا كانت في جهة المشرق أو المغرب كان جميع ما بين الشمال والجنوب قبلة بالنسبة إلى النائي ثم قال ولا فرق حينئذ بين علمه بعدم استقباله الكعبة أو ظنه أولا ثم نسب ذلك إلى مجمع الفائدة والمدارك والذخيرة وحكى عن بعض الأجلة نسبة إلى أكثر المتأخرين ثم استدل لهم بما ذكرنا من الكتاب والسنة وأيدهما بالسيرة المستمرة بين المسلمين من المسامحة في أمر القبلة فيما يعتبر فيه القبلة من أمورهم المهمة كالصلاة والذبح ونحو ذلك أقول الظاهر أن كون مجموع ما بين المشرق والمغرب قبلة وان علم أو ظن بكون الكعبة في جزء معين من هذه الجهة مع كونه مخالفا للأخبار المتواترة الدالة على كون الكعبة قبلة لجميع الناس خلاف ظاهر الفقهاء كما صرح به وحيد عصره في شرحه على المفاتيح بل صرح بان صلاة العالم المتعمد على هذا الوجه خلاف طريقة المسلمين في الاعصار بل هو عندهم مثل منافيات ضروري الدين ويظهر ذلك من غيره أيضا نعم حكى الشهيدان في الذكرى والمقاصد العلية عن بعض العامة ان المشرق قبلة لأهل المغرب وبالعكس والجنوب قبلة لأهل الشمال وبالعكس ويظهر منهما ان المخالف بين المسلمين منحصر في ذلك ولأجل ما ذكرنا اتفقوا على عد من انحرف عما يقتضيه الامارات إلى ما بين المشرق والمغرب من أقسام المصلى إلى غير القبلة وان استدلوا على صحة صلاته بما دل على أن ما بين المشرق والمغرب قبله لكن ليس غرضهم من ذلك اخراجه عن مسألة الخاطئ في
Bogga 34