فأظهرت أنها تمازحه وقالت: «لو عرفت طبيبا في الهند وعلمت أنه يشفيك لذهبت إليه بنفسي ولكن ...»
فرفع رأسه عن كتفها ليعاتبها بنظره. فوقعت عمامته فمد يده ليتناولها فتناولتها هي ووضعتها على رأسه فقال: «إنك تتجاهلين يا سيدة الملك. إنك أفطن من ألا تنتبهي إلى مرادي.»
فضحكت وقالت: «هب أني فهمت مرادك، فأنا لا أرى الأمر يستوجب الاهتمام إلى هذا الحد. اصبر لا بد من الفرج.»
فتنهد وهو ملق رأسه على كتفها، وحول عينيه نحو وجهها وقال: «لم أجد بين رجالي من يسعفني في هذا الأمر إلا ابن عمنا أبو الحسن فإنه تقي غيور. وقد أكد لي أنه باذل جهده في هذا السبيل.»
فلما سمعت اسم أبي الحسن أجفلت وكادت البغتة تظهر في وجهها لو لم تبادر إلى التجلد. ولو انتبه العاضد وهو مستلق على صدرها لشعر بتسارع ضربات قلبها حالما سمعت ذلك الاسم. لكنه تطرق شاغل من أمر نفسه. أما هي فتجلدت وقالت: «كيف أكد لك ذلك؟»
قال: «أكده لي اليوم وسيذكر تفصيله للشريف الجليس وهو يقصه علينا متى جاء بعد قليل.»
قالت: «هل تصدق هذا الرجل؟» وبان الكدر في عينيها.
قال: «كيف لا أصدقه! إنه رجل محب مخلص ومن ذوي قرابتنا، وأنت تعلمين غيرته على دولتنا.»
فهزت رأسها وسكتت، ولسان حالها يقول: «إنه منافق.»
فاعتدل العاضد في مجلسه؛ لأن الحمى أخذت في الهبوط واشتدت عزيمته، وقبض على يد أخته وهو يقول: «أرى الحمى تخف وطأتها عني أليس كذلك؟ أنت يا سيدة الملك سيئة الظن في هذا الرجل منذ عرفناه لغير سبب أو دليل، فإنه من أبناء عمنا. نعم إنه ليس من أحفاد الحافظ لدين الله جدنا. ولكنه من أحفاد الآمر بأحكام الله فهو من أعمامنا.»
Bog aan la aqoon