فتطاول عماد الدين بعنقه وقال: «قل بالله. هل يريد الشيخ الأكبر حقيقة أن يطول بقاء مولاي صلاح الدين؟»
قال: «نعم، إنه يتمنى ذلك من كل قلبه، وهو يطلبه ليل نهار.»
قال: «يا للعجب! كيف يبعث من يقتله ثم هو يدعو بطول بقائه!»
قال: «لعلك تعني ما حدث لصلاح الدين قبيل خروجك من مصر؛ إذ نهض في الصباح فوجد الخنجر فوق رأسه ورسالة التهديد بجانبه.»
قال: «نعم، هذا ما أعنيه.»
قال: «هذا دليل على رغبة الشيخ الأكبر في طول بقاء صلاح الدين، ولولا ذلك لأمر الفدائي الذي تمكن من الدخول عليه حتى غرس الخنجر في وسادته عند رأسه بأن يغرسه في صدره ولم يكن ثمة ما يمنعه. ولكنه أمر أن يكتفي بالتهديد لرغبته في بقائه حيا.»
فاستغرب عماد الدين ذلك وقال: «لكنني لم أفهم الباعث على تلك الرغبة، وهذا شيخنا - حفظه الله - قد اشتهر فتكه بالملوك والسلاطين. ولم يبق فيهم من لا يخافه حتى صلاح الدين نفسه، فكيف هو يحب بقاءهم أحياء و...»
فقطع كلامه قائلا: «لا. لا. إنه لا يلتمس طول البقاء لأحد من هؤلاء غير صلاح الدين.»
فقال: «لماذا؟ أرجو أن تفصح لي.»
قال: «السبب يا أخي أن شيخنا - أيده الله - علم بالوحي أنه يموت في نفس السنة التي يموت فيها صلاح الدين، فمن مات منهما قبل صاحبه لا بد للثاني أن يتبعه في تلك السنة. فهو لذلك حريص على حياة صلاح الدين حرصه على حياة نفسه. وهل عندك شك في صدق هذا الشيخ العظيم. قد رأيت من معجزاته ما يكفي، وإن كان قليلا من كثير.»
Bog aan la aqoon