ولكن نفسي تصونني عن الإقامة في دار ينالني فيها ضيم إلا مقدار ما أتحول عنها، وما أحسن الشنفرى في ما ادعاه، وأتقنه وأوعاه، لأن الكريم لا يرضى التوطن بدار الذل، والإقامة في مكان يعاب عليه فيه ويمل، ولله در ابن مقرب حيث يقول (1): [من الطويل]
دع الدار بالبحرين تعفى رسومها ... وسقها وإن لم يبق إلا نسوعها
وخل أحاديث المطامع والمنى ... ألا إنما أشقى الرجال طموعها
ولا تحسدا فيها رجالا بشبعها ... فخير لهم من ذلك الشبع جوعها
ولابد للمنحني على الزاد وحده ... إذا ما امتلأ من هوعة سيهوعها (2)
فبع بالعلا دار المهانة والأذى ... فما الربح المغبوط إلا بيوعها
ولا تتكل فخرا ولوما وذلة ... على قولهم نعي الرجال صروعها
وقال أيضا (3): [من الطويل]
فلا تشك أحداث الليلي إلي امرىء ... فذا الناس إما حاسد أو معاند
وعد عن الماء الذي ليس ورده ... بصاف فما تعمى عليك الموارد [77و]
فإن وطن ساءتك أخلاق أهله ... فدعه فما يفضي على الضيم ماجد (4)
وبت حبال الوصل ممن توده ... إذا لم يرد كل الذي أنت وارد
ولا ترهب الخطب الجليل بهوله ... فطعم المنايا كيف ماذقن واحد
وقل لليالي كيف ما شئت فاصنعي ... فإن على الأقدار تأتي المكائد
وقد ربما يجزى (5) على الصد والقلا ... أب وأخ والمرء ممن يساعد
Bogga 241