Maxbuusadda Tehran
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
Noocyada
وبعد الجنازة طلبت من أرام أن يساعدني في البحث عن قبر جدتي، إذ لم أكن أعرف مكانه بالتحديد. لم يصطحبني والداي إلى جنازتها، أو لزيارة قبرها قط. أردت أن أجد القبر وأصلي لأجلها. لم تكن المقبرة كبيرة، وكانت محاطة بجدران من الطوب الإسمنتي، بينما القبور متجاورة للغاية والأعشاب تنمو في كل مكان. رأيت العديد من شواهد القبور، وبدا لي أن العثور على شاهد جدتي سيكون صعبا. تحركنا بحذر بين شواهد القبور، وكان قبرها هو الخامس أو السادس. بدا كأنها هي التي عثرت علي. كنت قد احتفظت لها بزهرة وردية.
نظرت حولي، وبدا كل شاهد قبر كأنه غلاف كتاب أغلق إلى الأبد. تنقلت بينها أقرأ الأسماء وتواريخ الميلاد والوفاة. بعض الناس توفوا كبارا والبعض الآخر صغارا. كنت أرغب في التعرف عليهم كافة، فهناك العديد من القصص التي لن تروى أبدا. هل يعرف الملاك كل هؤلاء الأشخاص؟ هل استطاع مساعدتهم ومعرفة ما في قلوبهم عندما كانوا يحتضرون؟ ما آخر شيء فكروا فيه قبل أن تغادر أرواحهم أجسادهم؟ ما أكثر شيء شعروا حياله بالندم؟ هل من الممكن ألا يندم الإنسان على شيء لحظة الوفاة؟ ما أكثر شيء سأندم عليه إذا أتاني الموت في تلك اللحظة؟
بدأت عائلة أرام وأصدقاؤه في مغادرة المقبرة، ولاحظت أن والديه ينظران باتجاهنا، وأدركت أنهما يفكران في أراش. من حقهما أن يعرفا أين دفن، ومن حقه أن يدفن في قبر لائق. كنت أرغب في غرس الورود من كل الألوان حول المكان الذي يحمل جسده، وما كنت سأدع الحشائش الضارة تنمو حول قبره أبدا. ها قد مر عام كامل على وفاته؛ أربعة مواسم من الفقد والحزن. •••
وفي الأول من نوفمبر عام 1979 طلب آية الله الخميني من شعب إيران التظاهر ضد الولايات المتحدة التي أطلق عليها «الشيطان الأكبر»، وأخبرهم أن الولايات المتحدة هي المسئولة عن كل أشكال الفساد على الأرض، وأنها هي وإسرائيل أشد أعداء الإسلام، فانطلق الآلاف من الناس في الشوارع وأحاطوا بسفارة الولايات المتحدة. شاهدت التغطية الإخبارية للمظاهرات في التلفاز، وتعجبت من أين أتت تلك الجماهير الغاضبة، فلم يشارك في تلك المظاهرات أحد أعرفه. تدفقت الحشود فملأت الشوارع المحيطة بالسفارة التي تحيط بها أسوار قرميدية.
وفي الرابع من نوفمبر عام 1979 سمعنا أن مجموعة من طلاب الجامعة الذين يطلقون على أنفسهم «أتباع الإمام» قد استولوا على مبنى السفارة الرئيسي واحتجزوا اثنين وخمسين من الأمريكيين رهائن. كانوا يريدون من الولايات المتحدة أن تعيد الشاه الذي ذهب إليها للعلاج من السرطان كي يحاكم في إيران. بدا الأمر لي ولكل من تحدثت معه جنونا مطبقا، فالجميع يعلمون أن الشاه مريض للغاية. لم يكن اختطاف الرهائن منطقيا على الإطلاق، لكن لم يكن هناك أي شيء منطقي منذ قيام الثورة.
الفصل العاشر
في يوم الزيارة كانت جميع السجينات مبتهجات، ولأول مرة منذ إلقاء القبض علي أرى الفتيات يضحكن بصوت عال. نادت الأخوات على أسماء السجينات حسب الترتيب الهجائي، وغالبا ما كن ينادين خمسة عشر اسما في كل مرة. وكانت الفتيات اللاتي تنادى أسماؤهن يرتدين الشادور ويذهبن إلى المكتب. لم أكن أنا وترانه نعلم هل مسموح لوالدينا برؤيتنا أم لا، فظللنا نذرع الممر جيئة وذهابا. ألقي القبض على ترانه منذ شهرين، ولكن لم يزرها أحد بعد. كان اسم عائلتها يبدأ بحرف الباء، ومن المفترض أن ينادى عليها قبلي. - «... ترانه بهزادي ...»
قفزت كلانا من مكانها وصرخت. كانت منفعلة، حتى إنني اضطررت إلى أن أجري وأحضر لها الشادور والعصابة. اختفت خلف الأبواب المدعومة بالقضبان الحديدية، وتابعت أنا ذرع المكان جيئة وذهابا. معظم الفتيات كن يعدن من الزيارة باكيات، لكن ترانه عادت بعد نحو نصف ساعة وهي هادئة رابطة الجأش.
سألتها: «هل رأيت والديك؟» - «نعم.» - «وكيف حالهما؟» - «بخير على ما أظن. يوجد حاجز زجاجي سميك في غرفة الزيارة، ولا توجد هواتف. لا يمكنك الحديث، لكننا استخدمنا شيئا أشبه بلغة الإشارة.»
نودي اسمي أخيرا، وأمرنا في حجرة المكتب بوضع العصابات على أعيننا. اتبعت طابور الفتيات للطابق السفلي ثم للخارج، وسرنا نحو مبنى الزيارات، وقبل أن ندخل أمرنا بنزع العصابات. وقف الحرس المسلحون في كل مكان، بينما قسم حاجز زجاجي سميك الغرفة إلى نصفين، وعدد من الرجال والنساء يقفون في الجانب الآخر منه، بعضهم يبكي وأياديهم فوق الزجاج يحاولون العثور على من جاءوا لزيارتها. وسرعان ما رأيت والدي، فاندفعا نحوي وشرعا في البكاء. كانت أمي ترتدي معطفا أسود يغطي كاحلها، وتغطي رأسها بوشاح أسود كبير يصل حتى كتفيها. لا بد أنها اشترت تلك الثياب خصيصا من أجل زيارة «إيفين»، فكل ما لديها من معاطف قبل إلقاء القبض علي قصير يصل إلى ما بعد الركبة بقليل، وأغطية الرأس أصغر أيضا.
Bog aan la aqoon