قال لنفسه: إنه لشيء مضحك!
لماذا يشعر بالقلق لأن «وينتربوتوم» قادم على العشاء؟ هل هو خائف من الرجل؟ لا، بالتأكيد لا، لماذا كل ذلك القلق والارتباك إذن؟ لماذا يهتم بلقاء «وينتربوتوم»؟ هل لأن «رايت» أخبره ببعض المعلومات القليلة عن الرجل، والتي لا تتعدى كونها معلومات شائعة؟
فكر «كلارك» مرة أخرى في طبيعة تلك المعلومات .. هل معرفة صديق تكون عائقا؟ ربما، وإذا كانت كذلك فكم يكون زائفا الادعاء الشائع بأن معظم الحقائق التي نعرفها عن الآخرين تكون من اختلاقنا .. ربما تسبب لك بعض الحقائق مأزقا كبيرا، وربما تجعلك تشعر بالأسف وأحيانا بالمسئولية.
نهض «كلارك» على قدميه، وظل يمشي جيئة وذهابا وقد انتابه شعور بالخجل .. ربما كان هذا هو الفرق الحقيقي بين الإدارات الاستعمارية البريطانية ونظيرتها الفرنسية .. إن الفرنسيين يقومون بتنفيذ ما يقررونه، أما البريطانيون فلا ينفذون شيئا قبل إرسال بعثات استكشافية لمعرفة كل الحقائق، وذلك هو السبب في تأخرهم.
جلس مرة ثانية قانعا بما فكر فيه.
سارت الأمور في المساء بشكل طيب، لكن مرتين أو ثلاث مرات شعر خلالهما «كلارك» بالضيق، وكانت إحدى تلك المرات عندما قال له الكابتن «وينتربوتوم» قبل العشاء: قرأت تقريرك أثناء جولتك، وأرى أنك تؤدي واجبك جيدا.
قال «كلارك» بتواضع: أتمنى أن ترى هذه المقاطعة تنمو وتزدهر تحت قيادتك.
ثم توقف لحظة وأضاف قائلا: قيادتك الحكيمة.
بدا «وينتربوتوم» وكأنه لم يسمع ما قاله «كلارك» ثم قال: شيء واحد يقلقني .. لقد قلت في تقريرك إنك لم تجد دليلا على جلد «رايت» للقوميين.
شعر «كلارك» بالارتباك؛ فقد كانت هذه هي الكذبة الوحيدة في التقرير .. كان قد نسي تماما القيام بأي تحقيقات حول ذلك الموضوع، ولم يكن يعرف كيف تكون البداية حول هذا التحقيق الذي تسبب له في قلق كبير، ثم قرر عدم مصداقية هذا القول لكونه لم يسمع ما يؤكد أن «رايت» يجلد القوميين .. كيف يحقق المرء في مثل تلك الأشياء؟ هل يذهب لسؤال أول من يقابله من القوميين عن حقيقة جلد «رايت» لهم؟ أم يكون السؤال موجها إلى «رايت» نفسه؟ إن «كلارك» من خلال معرفته للرجل لا يعتقد أنه من ذلك النوع.
Bog aan la aqoon