ولا يعلم على وجه التحديد التاريخ الذي بدأ فيه أبو جعفر إملاء هذا الكتاب؛ ويظهر أنه ألفه بعد كتاب التفسير، روى الخطيب أن أبا جعفر الطبري قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ قال: ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: إن هذا مما يفني الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة، ثم قال: أتنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم قدره؟ فذكر نحوا مما ذكره في التفسير، فأجابوه بمثل ذلك، فقال: إنا لله! ماتت الهمم. فاختصره في نحو مما اختصر التفسير" (¬1).
وجاء في تاريخه: "وقيل أقوال في ذلك قد حكينا منها جملا في كتابنا المسمى: "جامع البيان عن تأويل آي القرآن"، فكرهنا إطالة الكتاب بذكر ذلك في هذا الموضوع" (¬2).
وذكر ياقوت عن أبي بكر بن بالويه قال: قال لي أبو بكر محمد بن إسحاق -يعني ابن خزيمة-: بلغني أنك كتبت التفسير عن محمد بن جرير؟ قلت: نعم؛ كتبنا التفسير عنه إملاء، قال: كله! قلت: نعم، قال في أي سنة؟ قلت: سنة ثلاث وثمانين إلى ستة وتسعين (¬3).
وإذا يكون قد أملى التاريخ بعد سنة تسعين ومئتين.
أما الانتهاء من هذا التاريخ، فقد ذكر ياقوت أنه فرخ من تصنيفه وعرضه على المستملين له: "في يوم الأربعاء لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثمئة، وقطعه على آخر سنة اثنتين وثلاثمئة" (¬4).
بدأ أبو جعفر تاريخه بذكر الدلالة على حدوث الزمان، وأن أول ما خلق بعد ذلك القلم وما بعد ذلك شيئا فشيئا، على ما وردت بذلك الآثار؛ ثم ذكر آدم، وما كان بعده من أخبار الأنبياء والرسل؛ على ترتيب ذكرهم في التوراة؛ متعرضا للحوادث التي وقعت في زمانهم؛ مفسرا ما ورد في القرآن الكريم بشأنهم،
Bogga 63