قال أبو الوليد الباجي: وممّا يدل على صحة (^١) هذا القول: أن رواية أبي إسحاق المستملي، ورواية أبي محمد السرخسي، ورواية أبي الهيثم الكُشميهني، ورواية أبي زيد المروزي مختلفة بالتقديم والتأخير؛ مع أنهم انتسخوا من أصل واحد، وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم فيما كان في طرّة أو رقعة مضافة أنه من موضع ما فأضَافه إليه، ويبيّن ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينهما أحاديث.
قال الباجي (^٢): وإنما أوردت هذا لِمَا عُني به أهلُ بلدنا من طلب معنى يجمع بين الترجمة والحديث الذي يليها وتكلفهم في ذلك من تعسف التأويل ما لا يسوغ، انتهى.
قلتُ: وهذه قاعدة (^٣) حسنة يفزع إليها حيث يتعسر وجه الجمع بين الترجمة والحديث، وهي مواضع قليلة جدًّا، ثم ظهر لي أن البُخاري مع ذلك - فيما يُوْرده من تراجم الأبواب -: إنْ وجد حديثًا يناسب ذلك الباب ولو على وجه خفي ووافق شرطه أورده [فيه] بالصيغة التي جعلها مصطلحة لموضوع كتابه، وهي: "حَدَّثَنَا"، وما قام مقام ذلك، و"العنعنة"