Saxifada Sajjadiyada
الصحيفة السجادية
Baare
السيد محمد باقر الموحد الابطحي الإصفهاني
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
25 محرم الحرام 1411
(1) دعاؤه عليه السلام إذا ابتدأ بالدعاء بدأ بالتحميد لله عز وجل والثناء عليه
الحمد الله الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام (1) الواصفين.
ابتدع (2) بقدرته الخلق ابتداعا، واخترعهم (3) على مشيته اختراعا، ثم سلك بهم طريق إرادته، وبعثهم في سبيل محبته لا يملكون تأخيرا عما قدمهم إليه، ولا يستطيعون تقدما إلى ما أخرهم عنه.
وجعل لكل روح منهم قوتا معلوما مقسوما من رزقه، لا ينقص من زاده ناقص، ولا يزيد من نقص منهم زائد.
ثم ضرب له في الحياة أجلا موقوتا، ونصب له أمدا محدودا يتخطى (4) إليه بأيام عمره، ويرهقه (5) بأعوام دهره، حتى إذا بلغ أقصى أثره واستوعب حساب عمره، قبضه إلى ما ندبه إليه من موفور
Bogga 17
ثوابه، أو محذور عقابه " ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى " (6) عدلا منه تقدست أسماؤه وتظاهرت آلاؤه (7) " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون " (8) والحمد لله الذي لو حبس عن عباده معرفة حمده على ما أبلاهم (9) من مننه المتتابعة وأسبغ (10) عليهم من نعمه المتظاهرة، لتصرفوا في مننه فلم يحمدوه، وتوسعوا في رزقه فلم يشكروه، ولو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الانسانية إلى حد البهيمية، فكانوا كما وصف في محكم كتابه " إن هم إلا كالانعام بل هم أضل سبيلا " (11).
والحمد لله على ما عرفنا من نفسه، وألهمنا من شكره، وفتح لنا من أبواب العلم بربوبيته، ودلنا عليه من الاخلاص له في توحيده وجنبنا من الإلحاد والشك في أمره، حمدا نعمر به فيمن حمده من خلقه، ونسبق به من سبق إلى رضاه وعفوه، حمدا يضئ لنا به ظلمات البرزخ (12) ويسهل علينا به سبيل المبعث، ويشرف به منازلنا عند مواقف الأشهاد (13) يوم " تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون " (14) " يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون " (15).
Bogga 18
حمدا يرتفع منا إلى أعلى عليين في " كتاب مرقوم يشهده المقربون " (16).
حمدا تقر به عيوننا إذا برقت (17) الأبصار، وتبيض به وجوهنا إذا اسودت الابشار (18).
حمدا نعتق به من أليم نار الله إلى كريم جوار الله، حمدا نزاحم به ملائكته المقربين، ونضام (19) به أنبياءه المرسلين في دار المقامة (20) التي لا تزول، ومحل كرامته التي لا تحول (21).
والحمد لله الذي اختار لنا محاسن الخلق (22) وأجرى علينا طيبات الرزق، وجعل لنا الفضيلة بالملكة على جميع الخلق، فكل خليقته منقادة لنا بقدرته، وصائرة إلى طاعتنا بعزته.
والحمد لله الذي أغلق عنا باب الحاجة إلا إليه، فكيف نطيق حمده؟ أم متى نؤدي شكره؟ لا، متى؟ (23).
والحمد لله الذي ركب فينا آلات البسط، وجعل لنا أدوات القبض، ومتعنا بأرواح الحياة، وأثبت فينا جوارح الأعمال، وغذانا بطيبات الرزق، وأغنانا بفضله، وأقنانا (24) بمنه، ثم أمرنا ليختبر طاعتنا، ونهانا ليبتلي شكرنا، فخالفنا عن طريق أمره، وركبنا متون
Bogga 19
زجره (25) فلم يبتدرنا (26) بعقوبته، ولم يعاجلنا بنقمته، بل تأنانا (27) برحمته تكرما، وانتظر مراجعتنا برأفته حلما.
والحمد لله الذي دلنا على التوبة التي لم نفدها إلا من فضله، فلو لم نعتدد من فضله إلا بها، لقد حسن بلاؤه عندنا، وجل إحسانه إلينا، وجسم فضله علينا، فما هكذا كانت سنته في التوبة لمن كان قبلنا، لقد وضع عنا ما لا طاقة لنا به، ولم يكلفنا إلا وسعا، ولم يجشمنا (28) إلا يسرا، ولم يدع لأحد منا حجة ولا عذرا، فالهالك منا من هلك عليه، والسعيد منا من رغب إليه.
والحمد لله بكل ما حمده به أدنى (29) ملائكته إليه، وأكرم خليقته عليه، وأرضى حامديه لديه، حمدا يفضل سائر الحمد كفضل ربنا على جميع خلقه.
ثم له الحمد مكان كل نعمة له علينا وعلى جميع عباده الماضين والباقين عدد ما أحاط به علمه من جميع الأشياء، ومكان كل واحدة منها عددها أضعافا مضاعفة أبدا سرمدا (30) إلى يوم القيامة.
حمدا لا منتهى لحده، ولا حساب لعدده، ولا مبلغ لغايته ولا انقطاع لأمده، حمدا يكون وصلة (31) إلى طاعته وعفوه، وسببا إلى رضوانه، وذريعة (32) إلى مغفرته، وطريقا إلى جنته، وخفيرا (33) من
Bogga 20
نقمته، وأمنا من غضبه، وظهيرا (34) على طاعته، وحاجزا عن معصيته وعونا على تأدية حقه ووظائفه.
حمدا نسعد به في السعداء من أوليائه، ونصير به في نظم الشهداء بسيوف أعدائه، إنه ولي حميد.
(2) دعاؤه عليه السلام في التحميد لله عز وجل
الحمد لله الذي تجلى للقلوب بالعظمة، واحتجت عن الأبصار بالعزة، واقتدر على الأشياء (1) بالقدرة، فلا الأبصار تثبت لرؤيته، ولا الأوهام تبلغ كنه عظمته، تجبر بالعظمة والكبرياء، وتعطف بالعز والبر والجلال، وتقدس بالحسن والجمال، وتمجد بالفخر والبهاء، وتهلل بالمجد والآلاء، واستخلص بالنور والضياء. خالق لا نظير له، وواحد لا ند له، وماجد لا ضد له، وصمد لا كفو له، وإله لا ثاني معه، وفاطر لا شريك له، ورازق لا معين له، والأول بلا زوال والدائم بلا فناء، والقائم بلا عناء، والباقي بلا نهاية، والمبدئ بلا أمد، والصانع بلا ظهير، والرب بلا شريك، والفاطر بلا كلفة والفاعل بلا عجز.
ليس له حد في مكان ولا غاية في زمان، لم يزل ولا يزول ولن يزال، كذلك أبدا هو الإله الحي القيوم، الدائم القديم، القادر
Bogga 21
الحكيم، العليم القاهر، الحليم المانع لما يشاء، والفعال لما يريد " له الخلق والأمر " (2) " والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون " (3) لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
و " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " (4) أمره ماض وحكمه عدل، ووعده حق، وقوله صدق، ولو تجلى لشئ صار دكا " فليس كمثله شئ وهو السميع البصير " (5).
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ارتضاه برسالته، وائتمنه على وحيه، وانتجبه من خليقته، واصطفاه من بريته، فأوجب الفوز لمن أطاعه وقبل منه، والنار على من عصاه وصدف (6) عنه.
فصلوات الله عليه وآله الطيبين الأخيار الطاهرين الأبرار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
(3) دعاؤه عليه السلام في التوحيد (1)
إلهي بدت قدرتك ولم تبد هيئة جلالك، فجهلوك وقدروك بالتقدير على غير ما أنت به، شبهوك وأنا برئ يا إلهي من الذين بالتشبيه طلبوك، ليس كمثلك شئ إلهي ولم يدركوك، وظاهر ما بهم
Bogga 22
من نعمة دليلهم عليك لو عرفوك، وفي خلقك يا إلهي مندوحة (2) عن أن ينالوك، بل ساووك بخلقك، فمن ثم لم يعرفوك، واتخذوا بعض آياتك ربا، فبذلك وصفوك، فتعاليت يا إلهي عما به المشبهون نعتوك.
(4) دعاؤه عليه السلام في التسبيح
عن سعيد بن المسيب قال: كان القوم لا يخرجون من مكة حتى يخرج علي بن الحسين سيد العابدين عليه السلام، فخرج وخرجت معه، فنزل في بعض المنازل، فصلى ركعتين وسبح في سجوده - يعني بهذا التسبيح - فلم يبق شجر ولا مدر إلا سبح معه، ففزعنا فرفع رأسه، فقال: يا سعيد أفزعت؟ فقلت:
نعم يا ابن رسول الله. فقال: هذا التسبيح الأعظم.
حدثني أبي عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال:
" لا تبقى الذنوب مع هذا التسبيح، وإن الله جل جلاله لما خلق جبرئيل ألهمه هذا التسبيح (فسبحت السماوات ومن فيهن كتسبيحه الأعظم) وهو اسم الله الأكبر ".
سبحانك اللهم وحنانيك (1) سبحانك اللهم وتعاليت، سبحانك اللهم والعز إزارك، سبحانك اللهم والعظمة رداؤك (2) سبحانك اللهم والكبرياء سلطانك، سبحانك من عظيم ما
Bogga 23
أعظمك، سبحانك سبحت في الملأ الأعلى، سبحانك تسمع (3) وترى ما تحت الثرى، سبحانك أنت شاهد كل نجوى (4) سبحانك (5) موضع كل شكوى، سبحانك حاضر كل ملأ، سبحانك عظيم الرجاء، سبحانك ترى ما في قعر الماء، سبحانك تسمع أنفاس الحيتان في قعور البحار، سبحانك تعلم وزن السماوات، سبحانك تعلم وزن الأرضين (6) سبحانك تعلم وزن الشمس والقمر، سبحانك تعلم وزن الظلمة والنور، سبحانك تعلم وزن الفئ (7) والهواء، سبحانك تعلم وزن الريح كم هي من مثقال ذرة، سبحانك قدوس قدوس قدوس، سبحانك عجبا من (8) عرفك كيف لا يخافك! سبحانك اللهم وبحمدك، سبحان الله العلي العظيم (9).
(5) دعاؤه عليه السلام في تسبيح الله تعالى وتنزيهه " مختص باليوم السادس من كل شهر "
سبحان من أشرق نوره كل ظلمة، سبحان من قدر بقدرته كل قدرة سبحان من احتجب (1) عن العباد ولا شئ (2) يحجبه، سبحان الله وبحمده.
(6) دعاؤه عليه السلام إذا تلا قوله تعالى " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها "
Bogga 24
كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا قرأ قوله تعالى: " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " (1) يقول:
سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها، كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم بأنه لا يدركه.
فشكر عز وجل معرفة العارفين بالتقصير عن معرفته، وجعل معرفتهم بالتقصير شكرا، كما جعل علم العالمين أنهم لا يدركونه إيمانا، علما منه أنه قدر وسع (2) العباد، فلا يجاوزون ذلك.
وكان علي بن الحسين عليهما السلام يقول في تسبيحه: (3) سبحان من جعل الاعتراف بالنعمة له حمدا.
سبحان من جعل الاعتراف بالعجز عن الشكر شكرا.
(7) دعاؤه عليه السلام في التحميد
الحمد الله الذي تجلى القلوب بالعظمة، واحتجب عن الأبصار بالعزة، واقتدر على الأشياء بالقدرة، فلا الأبصار تثبت لرؤيته، ولا الأوهام تبلغ كنه (1) عظمته.
تجبر بالعظمة والكبرياء، وتعطف بالعز والبر والجلال
Bogga 25
وتقدس بالحسن والجمال، وتمجد بالفخر والبهاء، وتهلل (2) بالمجد والآلاء (3) واستخلص بالنور والضياء.
خالق لا نظير له، واحد لا ند (4) له، وواحد لا ضد له، وصمد لا كفو له، وإله لا ثاني معه، وفاطر لا شريك له، ورازق لا معين له، والأول بلا زوال، والدائم بلا فناء، والقائم بلا عناء، والمؤمن (5) بلا نهاية، والمبدئ بلا أمد، والصانع بلا أحد، والرب بلا شريك والفاطر (6) بلا كلفة، والفعال بلا عجز.
ليس له حد في مكان، ولا غاية في زمان، لم يزل ولا يزول ولن يزال كذلك أبدا، وهو الاله الحي القيوم، الدائم القديم، القادر الحكيم (7).
إلهي عبيدك (8) بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك (9) (ثلاثا).
إلهي لك يرهب (10) المترهبون، وإليك أخلص المبتهلون (11) رهبة لك ورجاء لعفوك.
يا إله الحق ارحم دعاء المستصرخين، واعف عن جرائم الغافلين، وزد في إحسان المنيبين (12) يوم الوفود عليك يا كريم.
Bogga 26
(8) دعاؤه عليه السلام إذا مجد الله واستقصى في الثناء عليه
اللهم إن أحدا لا يبلغ من شكرك غاية وإن أبعد إلا حصل عليه من إحسانك ما يلزمه شكرك، ولا يبلغ مبلغا من طاعتك ، وإن اجتهد إلا كان مقصرا دون استحقاقك بفضلك، فأشكر عبادك عاجز عن شكرك، وأعبدهم لك مقصر عن طاعتك، لا يجب لأحد منهم أن تغفر له باستحقاقه، ولا يحق له أن ترضى عنه باستيجابه.
فمن غفرت له فبطولك (1) ومن رضيت عنه فبفضلك، تشكر يسير ما تشكر به، وتثيب على قليل ما تطاع فيه، حتى كان شكر عبادك الذي أوجبت عليه ثوابهم، وأعظمت فيه جزاءهم، أمر ملكوا استطاعة الامتناع منه دونك فكافأتهم، ولم يكن سببه بيدك فجازيتهم (2) بل ملكت يا إلهي أمرهم قبل أن يملكوا عبادتك وأعددت ثوابهم قبل أن يفيضوا (3) في طاعتك، وذلك أن سنتك الافضال، وعادتك الاحسان، وسبيلك العفو، كل البرية معترفة بأنك غير ظالم لمن عاقبت، وشاهدة بأنك متفضل على من عافيت،
Bogga 27
وكل مقر على نفسه بالتقصير عما استوجبت، فلولا أن الشيطان يختدعهم عن طاعتك ما عصاك أحد، ولولا أن يصور لهم الباطل في مثال الحق ما ضل عن طريقك ضال.
فسبحانك ما أبين كرمك في معاملة من أطاعك أو عصاك، تشكر المطيع على ما أنت توليته له، وتملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه أعطيت كلا منهما ما لا يجب له، وتفضلت على كل منهما بما يقصر عمله عنه، ولو كافيت المطيع على ما أنت توليته له بالسواء لأوشك أن يفقد ثوابك، وأن تزول عنه نعمتك، ولكنك (4) جازيته على المدة القصيرة الفانية (5) بالمدة الطويلة الخالدة، وعلى الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية.
ثم لم تسمه (6) القصاص فيما أكل من رزقك الذي يقوى به على طاعتك، ولم تحمله على المناقشة في الآلات التي تسبب باستعمالها إلى مغفرتك (7) ولو فعلت به ذلك لذهب جميع ما كدح (8) له ولصارت جملة ما سعى فيه جزاء للصغرى من مننك، ولبقي رهنا بين يديك بسائر نعمك، فمتى كان يستحق شيئا من ثوابك؟
لا، متى. (9) فهذه يا إلهي حالة (10) من أطاعك، وسبيل من تعبد لك
Bogga 28
فأما العاصي أمرك، والمواقع نهيك، فلم تعاجله بنقمتك لكي يستبدل بحاله في معصيتك حال الإنابة إلى طاعتك، ولقد كان يستحق يا إلهي في أول ما هم بعصيانك كل ما أعددت لجميع خلقك من عقوبتك، فجميع ما أخرت عنه من وقت العذاب وأبطأت عليه من سطوات النقمة، فترك من حقك ورضي بدون واجبك.
فمن أكرم يا إلهي منك ومن أشقى ممن هلك عليك؟!
فتباركت (11) أن توصف إلا بالاحسان، وكرمت أن يخالف منك إلا العدل، لا يخشى جورك على من عصاك، ولا يخاف إغفالك ثواب من أرضاك، فصل على محمد وآله وهب لي منك أملي وزدني من هداك ما أصل به إلى توفيق عملي (12) إنك منان كريم.
يا من لا تنقضي عجائب عظمته احجبنا عن الإلحاد في عظمتك ويا من لا تنتهي مدة ملكه أعتق رقابنا من نقمتك، ويا من لا تفنى خزائن رحمته اجعل لنا نصيبا من رحمتك، ويا من تنقطع دون رؤيته الأبصار أدننا من قربك، ويا من تصغر عند خطره الأخطار كرمنا عليك، ويا من تظهر عنده بواطن الأخبار لا تفضحنا لديك، وأغننا عن هبة الواهبين بهبتك، واكفنا وحشة القاطعين بصلتك حتى لا نرغب إلى أحد مع فضلك، ولا نستوحش من أحد مع بذلك.
Bogga 29
اللهم كد لنا ولا تكد علينا، وامكر لنا ولا تمكر بنا، وأدل لنا ولا تدل منا.
اللهم قنا عذابك، واهدنا بك، ولا تباعدنا عنك، فإنك من تقه يسلم، ومن تهده يعلم، ومن تقربه إليك يغنم.
اللهم إنما يكفي الكفاة بفضل قوتك فاكفنا، وإنما يعطي المعطون من فضل جدتك فأعطنا، وإنما يهتدي المهتدون بنور حكمتك (13) فاهدنا.
اللهم إنك من واليت لم يضرره خذلان الخاذلين، ومن أعطيت لم ينقصه منع المانعين، ومن هديت لم يغوه إضلال المضلين فامنعنا بعزتك من شر عبادك، وأغننا (14) عن غيرك بإرفادك واسلك بنا سبل الحق بإرشادك، واكفنا حد نوائب الزمان، وسوء مصائد (15) الشيطان، ومرارة صولة (16) السلطان، واجعل سلامة قلوبنا في ذكر عظمتك، وفراغ أبداننا في شكر نعمتك، وانطلاق ألسننا في وصف منتك، واجعلنا من دعاتك الداعين إليك ومن هداتك (17) الدالين عليك، ومن خاصتك الحاضرين (18) لديك. (19)
Bogga 30
(9) دعاؤه عليه السلام في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله
والحمد الله الذي من علينا بمحمد نبيه صلى الله عليه وآله دون الأمم الماضية والقرون السالفة، بقدرته التي لا تعجز عن شئ وإن عظم، ولا يفوتها شئ وأن لطف (2) فختم بنا على جميع من ذرأ (3) وجعلنا شهداء على من جحد (4) وكثرنا بمنه على من قل.
اللهم فصل على محمد أمينك على وحيك، ونجيبك (5) من خلقك، وصفيك من عبادك، إمام الرحمة، وقائد الخير، ومفتاح البركة، كما نصب لأمرك نفسه، وعرض فيك للمكروه بدنه وكاشف (6) في الدعاء إليك حامته (7) وحارب في رضاك أسرته (8) وقطع في إحياء دينك رحمه، وأقصى الأدنين على جحودهم، وقرب الأقصين على استجابتهم لك، ووالى فيك الأبعدين، وعادى فيك الأقربين.
وآداب (9) نفسه في تبليغ رسالتك، وأتعبها بالدعاء إلى ملتك وشغلها بالنصح لأهل دعوتك، وهاجر إلى بلاد الغربة، ومحل
Bogga 31
النأي (10) عن موطن رحله (11) وموضع رجله، ومسقط رأسه، ومأنس نفسه إرادة منه لإعزاز دينك، واستنصارا على أهل الكفر بك، حتى استتب (12) له ما حاول في أعدائك، واستتم له ما دبر في أوليائك فنهد (13) إليهم مستفتحا بعونك، ومتقويا على ضعفه بنصرك، فغزاهم في عقر ديارهم، وهجم عليهم في بحبوحة (14) قرارهم، حتى ظهر أمرك، وعلت كلمتك، ولو كره المشركون.
اللهم فارفعه بما كدح فيك (15) إلى الدرجة العليا من جنتك حتى لا يساوى في منزلة، ولا يكافأ (16) في مرتبة، ولا يوازيه لديك ملك مقرب ولا نبي مرسل، وعرفه في أهله الطاهرين وأمته المؤمنين من حسن الشفاعة أجل ما وعدته، يا نافذ العدة (17) يا وافي (18) القول، يا مبدل السيئات بأضعافها من الحسنات إنك ذو الفضل العظيم، الجواد الكريم.
(10) دعاؤه عليه السلام في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، ومفتاح باب جنتك، والناهض بأعباء مواثيق عهدك إلى عبادك، وذريعة المؤمنين
Bogga 32
إلى رضوانك، والمستقل (1) بما حملته من الإشارة (2) بآياتك، والذي لم يستطع إلا موافقة علمك، وقبول الرسالة إذا تقدم له قبولها في أم الكتاب عندك، وكيف يستطيع رد ما نفذت به مشيئتك من يتقلب في قبضتك وناصيته بيدك؟!
اللهم كما اخترت محمدا على علم لأمرك، وجعلته شهيدا على خلقك، ومبلغا عنك حجج آياتك، وأعلام شواهد بيناتك، فاسمع من أذنت له في الاستماع من الحق الذي صرحت عنه رسالته، وبصر من لم تجعل على بصره غشاوة القلوب فنكل (3) عن أن يرى الحق في أحسن صورته، وأوصل بإذنك الهدى إلى القلوب التي لم تغلفها بطبعك، وكان حجتك على من علمته بالمعاندة لك، والخلاف على رسلك، وبلغ مجهود الصبر في إظهار حقك، وآثر (4) الجد على التقصير والريث في أمرك ابتغاء الوسيلة عندك، والزلفة (5) لديك وطول الخلود في رحمتك، وحتى قلت له " فتول عنهم فما أنت بملوم " (6).
فبلغه غاية الوصلة (7) وزده كما وصل بيننا وبين معرفتك.
اللهم وكما قمعت به الكفر على جرانه (8) وجدعت (9) أنف النفاق بحجة نبوته، وقطعت قرائن الضلال بنور (10) هدايته، وجعلته
Bogga 33
بمنك على المشركين ثاقبا (11) ولنبوة المرسلين خاتما، وعلى الكتب الأولى مهيمنا، وبكل مبتعث قبله من الرسل مؤمنا، ولمن بلغ عنك شاهدا، ولمن أدبر عنك مجاهدا، ولك إلى قيام الساعة حامدا، وللمؤمنين في عرصة (12) القيامة قائدا، وبين الحق والباطل فارقا، وبحقك في عبادك ناطقا، ولمن تقدمه من الأنبياء مصدقا، فصل عليه صلاة ترفعه بها على درجات النبيين تنضر بها وجهه في موقف الساعة يوم الدين.
اللهم وكما جعلته بأمرك صادعا، ولشمل منتشر الهدى جامعا ولعدد المشركين قاطعا، ولحمي (13) الحق أن يستباح مانعا، ولما نجم (14) من قرن الضلال قاصفا (15) ولما نبغ (16) من الباطل بسيف الحق دامغا (17) ولما ائتمنته عليه من الرسالة مبلغا، وللمستجيبين له المتعلقين بعروته بشيرا، وللمتخلفين عن ضوء نهار حقه نذيرا وسراجا منيرا، ولمن استصبح بذكاء زنده (18) مستنيرا.
فرضت علينا تعزيزه وتوقيره ومهابته، وأمرتنا أن لا نرفع الأصوات على صوته، وأن تكون كلها مخفوضة دون هيبته، فلا يجهر بها عليه عند مناجاته، ونلقاه بأخمدها عند محاورته، ونكف من غرب
Bogga 34
الألسن (19) لدى مسألته، إعظاما منك لحرمة نبوته، وإجلالا لقدر رسالته، وتمكينا في أثناء الصدور (20) لمحبته، وتوكيدا بين حواشي القلوب لمودته، فارفعه بسلامنا إلى حيث قدرت في سابق علمك أن تبلغه إياه بصلاتنا عليه.
اللهم وهب له من رياض جنتك، والدرج المتخذة لأهل ولايتك ما تقصر عنه مسألة السائلين من عبادك، كرامة تنزله شرف ذروتها، وتبلغه قصوى مكنة غايتها، وتهطل سحائب النعيم بمزن (21) ودقه (22) وطوائف المزيد والرضوان من فوقها، وتجري إليه جداول فضلك فيها، وتشرفه بالوسيلة على نازليها.
اللهم اجعله أجزل (23) من أحرز نصيبا من رحمتك، وانضر من أشرق وجهه لسجال (24) عطيتك، وأقرب الأنبياء زلفة يوم المقعد عندك، وأوفرهم حظا من رضوانك، وأكثرهم صفوف أمة في جناتك.
اللهم وأبلغ به من تشريف منزلته، وإعلاء رتبته، وخاصة خالصته، ومكنة زلفته، وجزيل مثوبته، والزيادة في كرامته، وشكر قديم سابقته، ورفع درجته، وإعطائه الوسيلة التي استثناها على أمته ما أنت أهله في كرمك وفيض فضلك وجزيل مواهبك، وما محمد
Bogga 35
أهله فيك فيما بلغ في رضاك، وتحرى من حفظ حقك، وتولى من المحاماة عن دينك، والذب عن حدود نهيك، فقد دعا إلى إثبات الخلق والأمر لك، وصبر على الأذى فيك، ولم يشر بالربوبية، إلا إليك، منا منك عليه لا منا منه عليك، وبما أنعمت به عليه من فضلك ومكنت في قلبه من معرفتك، ودللته عليه من أعلام قدرتك واصطفيته له من تبليغ رسالتك.
اللهم ومهما توارى عنا من حجب الغيوب عندك، وتوليت طي (25) علمه عن عبادك، وكان في خزائن أمرك، ولم تنزله في تأويل لديه في كتابك، وخانتنا الصفات، وكلت الألسن (26) دون عبارته، فلم تهتد القلوب إلى منازلك فيه من فضل عطاء تؤتيه، وذخيرة كرامة توصلها إليه، وتهطل سماؤها عليه.
فأعط محمدا من ذلك حتى يرضى، وزده من ثوابك بعد الرضا ما لا تبلغه مسألة السائلين، وتقصر عنه المنى حتى لا تبقى غاية غبطة إلا أوفيت به عليها، ولا ارتفاع درجة إلا حللت به إليها وجعلته مخلدا في أعلى علوها.
اللهم وكما أكثرت ذرء (27) أمته، وعدد المستجيبين لرسالته، والمعترفين لحجته، حتى استفاض دينه، وعلت كلمته فقد أمت به لسان الباطل، حتى كلت حجته، ودمغت به الكفر
Bogga 36