وقد أخذ القانون العراقي باستيفاء التأمينات النقدية من الصحافي عند الإذن له بإصدار صحيفة، يعين مقادير هذه التأمينات بالنسبة إلى مواعيد صدور المطبوع، وهو نوع من العرقلة شدد عليه النكير نقاد قوانين المطبوعات في أوروبا عندما شرعت في بلادهم، وأجمعوا على أنها مقيدة للحريات الصحفية.
ويجب أن نضيف إلى هذه القيود الثقيلة التي احتواها قانون المطبوعات العراقي ما جاء في «قانون العقوبات البغدادي» من أحكام صارمة تتصل «بجرائم الرأي»، وهي الجرائم الخاصة بالفكر والعقيدة سياسية كانت أم اقتصادية أم فلسفية.
كما أن هناك قانون مرسوم الأحكام العرفية رقم 18 لسنة 1935، الذي يبيح لقائد القوات العسكرية عند إعلان الأحكام العرفية في منطقة ما من مناطق البلاد أن يفرض الرقابة فيها على الصحف والنشرات الدورية قبل نشرها، وإيقاف نشرها من غير إخطار سابق.
وبهذه الوسيلة تعطل حرية الصحافة تعطيلا تاما فلا تعود أية صحيفة تنشر إلا ما ترضى عنه الحكومة القائمة المعلنة في عهدها هذه الأحكام العرفية.
ومما يجعل حرية الصحافة مهددة في بلاد الرافدين وبحكم المفقودة في أغلب الأحيان، أن أعمال الوزراء في الإدارة قطعية، وليس هناك مجلس دولة أو محكمة إدارية تستأنف عندها أحكامهم.
ملاحظة مهمة
هذه محاضرات ثمان قصد بها بناء على دعوة المعهد إلقاء نظرات خاطفة على قدر ما تسمح به المحاضرة، على طلاب معهد الدراسات العربية العالية، التابع لجامعة الدولة العربية، في موضوع «نشوء الصحافة العراقية وتطورها منذ أول ظهورها إلى نشوب الحرب العالمية الثانية».
أما الإسهاب والاستقصاء وتراجم الشخصيات الصحفية البارزة في العراق فمظانها في التاريخ المفصل الذي أشتغل بكتابته منذ زمن، ولم أترك أمرا يخص الصحف والصحافة في بلاد الرافدين إلا ذكرته في مطاويه، وآمل أن يتاح لي إنجازه ونشره قريبا.
المحاضر
ملاحق
Bog aan la aqoon