وبعد أن افتتح المجلس النيابي الأول يوم 16 تموز (يوليو) سنة 1925 وجد في داخل المجلس حزبان: حزب مؤيد للحكومة القائمة أطلق عليه «حزب التقدم» يرأسه عبد المحسن السعدون، وحزب معارض دعي «حزب الشعب» يتزعمه ياسين الهاشمي، وتأهب حزب الشعب لنشر جريدة يومية بأربع صفحات. وقد حاولت أن تصدر بست صفحات، فلم يمكنها إعوازها إلى مطبعة خاصة من الاستمرار في ذلك، فعادت إلى الصفحات الأربع بعد بضعة أيام.
المهم أنها أول جريدة في البلاد كتب على صدرها «لسان حزب الشعب العراقي»، بحيث صارت كل كلمة تكتب فيها يسأل عنها الحزب وتعد معبرة عن رأيه. وقد ساهم جميع أعضاء الحزب في تكاليفها ونفقاتها إلى آخر عمرها غير الطويل، ومما قالته الجريدة في عددها الأول ومنه تتبينون روحها:
ها قد مست الحاجة إلى إصدار هذه الجريدة، وتقديمها إلى الشعب العراقي الكريم لتكون ناطقة بالخطة التي وطن «حزب الشعب» نفسه على القيام بها والسير عليها؛ لإيصال البلاد بالطرق المشروعة والوسائل الشريفة إلى ما تصبو إليه وتتوق من حرية كاملة واستقلال تام لا شائبة فيه ولا مغمز.
إن منهاج الحزب لا يحتوي على كثير من الكلمات، لا سيما وقد وطد الحزب العزم على العمل أكثر من القول ...
وستتحاشى هذه الجريدة كل ما يتعلق بالأمور الشخصية بقدر المستطاع.
أما تحريرها فقد أناطوه بإبراهيم حلمي العمر - وكانت جريدته معطلة - إلا أن رئيس الحزب والأعضاء خفوا للكتابة فيها، ومن بينهم نصرت الفارسي ورضا الشبيبي وإبراهيم كمال ومحمود رامز وعبد اللطيف الفلاحي، وكان الرئيس ياسين الهاشمي إما يكتب المقالة الأولى بتمامها من غير توقيع صريح أو يهيئ «رءوس أقلام» للمقال الافتتاحي يدفعه لمحررها.
والذي عليه الإجماع أن جريدة حزب الشعب ظهرت بنضج في التفكير السياسي كما هي مثال للأدب والابتعاد عن المهاترات الشخصية، مع أنها في القراع الحزبي قوية جهيرة الصوت، بل عرفت فاتكة في حملاتها.
ولهذه الصحيفة مواقفها في القضايا المهمة، من ذلك مناقشة المعاهدة الجديدة بين العراق وبريطانيا التي مددت أجل المعاهدة الأولى إلى خمس وعشرين سنة. وقد غادر أعضاء «حزب الشعب» قاعة المجلس لما لم يستجب طلبهم بالتريث في إبرام هذه المعاهدة في جلسة واحدة، كما اقترحت الحكومة.
وأول ما علا صوت «نداء الشعب» اشتبكت في نزاع حزبي مع بعض الصحف الموالية للحكومة أو جبهة اليمين في المجلس النيابي في مقدمتها جريدة «العراق» التي وقفت «لحزب الشعب» ورئيسه بالمرصاد، وشددت عليه النكير وظلت تهاجمه بأقسى التعابير، وثابرت «نداء الشعب» على المنافحة عن السياسة الوطنية ومناقشة سياسة الانتداب بحجج دامغة، منتقدة كل ما ترى فيه مغمزا من أعمال الحكومة، كما نشرت مقالات كثيرة لتثقيف الجمهور تثقيفا سياسيا، ولم تكتف بمقارعة جريدة «العراق» وغيرها من صحف اليمين، بل ردت تهجم بعض الصحف الأجنبية على حزب الشعب نظير «بغداد تايمس» وصحيفة
Near East
Bog aan la aqoon