وبعد شهرين من حياة الجريدة أبطلها صاحبها في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 20 عندما وظف سكرتيرا لمجلس الوزراء العراقي.
صحافة الثورة العراقية سنة 1920
مجلة اللسان
إن المجاهدين العراقيين من أصحاب العقيدة في القضية القومية وتوجيهها نحو استقلال العرب لم يثنهم إمساك السلطة الاحتلالية البريطانية عن الإذن بإصدار صحف سياسية يومية، فداوروا بعد أن وقعت معاهدة الصلح في باريس في خلق أداة تعينهم على ذيوع فكرتهم وتعليم الرأي العام في بلاد الرافدين فلسفة النهضة العربية، فحصلوا على امتياز بمجلة شهرية صدرت في تموز سنة 1919 لتكون في مظهرها مجلة «تاريخية اجتماعية علمية أدبية مصورة»، ولكنها في حقيقتها تخدم النهضة السياسية بأسلوب علمي أدبي، وجعلوا اسمها «اللسان» رمزا «للسان العرب» التي كانت تنشر في إستانبول، ومحررها هو نفسه أحمد عزة الأعظمي، وإن خلا غلافها من اسمه واكتفى بأن اتخذ اسمي صديقين له تسترا عن أعين حكومة الاحتلال، فجعل صاحبها «علي رضا الغزالي» ومديرها المسئول «أنطون لوقا»، فكانت أول صحيفة أهلية من صحف الدعوة للنهوض، ومواصلة المطالبة بحقوق الأمة في الحياة والمجد، قالت في عددها الأول بعنوان «أمل وبيان»:
إن من ينظر في أحوال المجتمع العراقي الاجتماعية والأدبية، ويفكر فيما آل إليه أمره، لا بد وأن تضطرب حواسه ويضيع صوابه، كيف لا وقد أصاب العراق في السنين الأخيرة أمراض كثيرة ينوء بحملها؛ ضعف في الأخلاق، خلل في النظام، فساد في التربية، فوضى في الاجتماع ... فغاية «اللسان» التي ترمي إليها ترتيل محاسن المدنية العربية التي لعبت بها يد الأهوال منذ قرون على مسامع أبناء العراق الأعزاء، وتذكيرهم بما كان لأمتهم من المكانة السامية بين الأمم والمنزلة العليا من التمدن.
1
وقد واصلت هذه الصحيفة الدعوة العربية ونشرت ما يحرك المشاعر ويثبت الرشد إلى تدهور الحال، منتهزة كل فرصة حتى الفرص الأدبية، فعندما نشرت مجلة «الهلال» سينية أحمد شوقي «الأندلسية» جعلتها مجلة «اللسان» افتتاحية، علقت عليها بما يلهب العواطف الوطنية.
وكانت إدارة المجلة ندوة يلتقي فيها العاملون في الجماعات السياسية الوطنية والعائدون من الثورة العربية، والراجعون من المنافي والسجون ومواطن التشريد البعيدة، وظلت تنشر ما يزيد على العام حتى إذا قررت الأحزاب السرية إصدار جريدة يومية وحصلت على امتيازها سكت «اللسان» وسافر منشئوه إلى بعض أقطار العروبة.
جريدة العقاب
في خلال الحرب العالمية الأولى انقسم المنتمون إلى «حزب العهد» السري الذي أسسه شباب العرب في الآستانة إلى شطرين؛ يعمل أحدهما لتحرير سورية، ويجاهد الآخر لتحرير العراق، وقد كان مركز «حزب العهد العراقي» دمشق وأسس له فروعا في أنحاء العراق، وأنشط هذه الفروع فرع الموصل، فطفق من أول إنشائه يهيمن على جريدة «العقاب»، وهي الصحيفة التي أنشأها الأحرار العراقيون في سورية ويحررها أسعد داغر، وكان مكي الشربتي عاملا قويا فيها، فأصبحت لسان حال هذا الحزب، واهتمت فروع الحزب في بلاد الرافدين بنشرها في أرجاء القطر العراقي، فترسل كميات كبيرة منها إلى المثقفين في الرافدين وزعماء القبائل. •••
Bog aan la aqoon