Safwat Tafasir
صفوة التفاسير
Daabacaha
دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
Goobta Daabacaadda
القاهرة
Noocyada
بالأكاذيب والأباطيل قال ابن كثير: هذا إخبارٌ عن الواقع فإِن الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدنيا والآخرة وقد كذب وافترى في ذلك ﴿وَمَا يَعِدُهُمُ الشيطان إِلاَّ غُرُورًا﴾ أي وما يعدهم إلا باطلًا وضلالًا قال ابن عرفة: الغُرور ما له ظاهر محبوب وباطن مكروه، فهو مزيّن الظاهر فاسد الباطن ﴿أولئك مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ أي مصيرهم ومآلهم يوم القيامة نار جهنم ﴿وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا﴾ أي ليس لهم منهم مفر ولا مهرب، ثم ذكر تعالى حال السعداء الأبرار وما لهم من الكرامة في دار القرآن فقال ﴿والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا﴾ أي مخلدين في دار النعيم بلا زوال ولا انتقال ﴿وَعْدَ الله حَقًّا﴾ أي وعدًا لا شك فيه ولا ارتياب ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله قِيلًا﴾ أي ومن أصدق من الله قولًا؟ والاستفهام معناه النفيُ أي لا أحد أصدق قولًا من الله قال أبو السعود.
والمقصود معارضة مواعيد الشيطان الكاذبة لقرنائه بوعد الله الصادق لأوليائه ﴿لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ولا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكتاب﴾ أي ليس ما وعد الله تعالى من الثواب يحصل بأمانيكم أيها المسلمون ولا بأماني أهل الكتاب وإنما يحصل بالإِيمان والعمل الصالح قال الحسن البصري: ليس الإِيمان بالتمني ولكنْ ما وقر في القلب وصدّقه العمل، إن قومًا ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم وقالوا نحسن الظن بالله، وكذبوا لو أحسنوا الظن به لأحسنوا العمل ﴿مَن يَعْمَلْ سواءا يُجْزَ بِهِ﴾ أي من يعمل السوء والشر ينال عقابه عاجلًا أو آجلًا ﴿وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ الله وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا﴾ أي لا يجد من يحفظه أو ينصره من عذاب الله ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات مِن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ أي ومن يعمل الأعمال الصالحة سواءً كان ذكرًا أو أنثى بشرط الإِيمان ﴿فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾ أي يدخلهم الله الجنة ولا يُنقصون شيئًا حقيرًا من ثواب أعمالهم كيف ولا والمجازي أرحم الراحمين! ﴿وإنما قال ﴿وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ ليبيّن أن الطاعة لا تنفع من دون الإِيمان، ثم قال تعالى ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله﴾؟ أي لا أحد أحسن دينًا ممن انقاد لأمر الله وشرعه وأخلص عمله لله ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ أي مطيعٌ لله مجتنبٌ لنواهيه ﴿واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ أي واتبع الدين الذي كان عليه إبراهيم خليل الرحمن، مستقيمًا على منهاجه وسبيله وهو دين الإِسلام ﴿واتخذ الله إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ أي صفيًا اصطفاه لمحبته وخلته قال ابن كثير: فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه ﴿وَللَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ أي جميع ما في الكائنات ملكه وعبيده وخلقه وهو المتصرف في جميع اذلك، لا رادّ لما قضى ولا معقب لما حكم ﴿وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا﴾ أي علمه نافذ في جميع ذلك لا تخفى ليه خافية ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النسآء﴾ أي يسألونك عما يجب عليهم في أمر النساء ﴿قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب﴾ أي قل لهم يا محمد: يبين الله لكم ما سألتم في شأنهنَّ ويبين لكم ما يتلى في القرآن من أمر ميراثهن ﴿فِي يَتَامَى النسآء اللاتي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ﴾ أي ويفتيكم أيضًا في اليتيمات اللواتي ترغبون في نكاحهن
1 / 282