250

Safwat Tafasir

صفوة التفاسير

Daabacaha

دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة

Noocyada

كفروا ونكثوا عهودهم ليأمنوا قومهم ﴿كُلَّ مَا ردوا إِلَى الفتنة أُرْكِسُواْ فِيِهَا﴾ أي كلما دعوا إِلى الكفر أو قتال المسلمين عادوا إِليه وقُلبوا فيه على أسوأ شكل فهم شرّ من كل عدو شرير ﴿فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ ويلقوا إِلَيْكُمُ السلم ويكفوا أَيْدِيَهُمْ﴾ أي فإِن لم يجتنبوكم ويستسلموا إِليكم ويكفوا أيديهم عن قتالكم ﴿فَخُذُوهُمْ واقتلوهم حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ أي فأسروهم واقتلوهم حيث وجدتموهم وأصبتموهم ﴿وأولئكم جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا﴾ أي جعلنا لكم على أخذهم وقتلهم حجة واضحة وبرهانًا بينًا بسبب غدرهم وخيانتهم ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا﴾ أي لا ينبغي لمؤمنٍ ولا يليق به أن يقتل مؤمنًا إِلا على وجه الخطأ لأن الإِيمان زاجرٌ عن العدوان ﴿وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ﴾ أي ومن قتل مؤمنًا على وجه الخطأ فعليه إِعتاق رقبةٍ مؤمنة لأن إِطلاقها من قيد الرق كإِحيائها، وعليه كذلك ديةٌ مؤداة إلى ورثة المقتول إِلا إذا عفا الورثة عن القاتل فأسقطوا الدية، وقد أوجب الشارع في القتل الخطأ شيئين: الكفارة وهي تحرير رقبة مؤمنة في مال القاتل، والدية وهي مائةٌ من الإِبل على العاقلة ﴿فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ﴾ أي إِن كان المقتول خطأً مؤمنًا وقومه كفارًا أعداء وهم المحاربون فإِنما على قاتله الكفارة فقط دون الدية لئلا يستعينوا بها على المسلمين ﴿وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ﴾ أي وإِن كان المقتول خطأً من قوم كفرة بينكم وبينهم عهد كأهل الذمة فعلى قاتله دية تدفع إلى أهله لأجل معاهدتهم ويجب أيضًا على القاتل إِعتاق رقبة مؤمنة ﴿فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ الله﴾ أي فمن لم يجد الرقبة فعلية صيام شهرين متتابعين عوضًا عنها شرع تعالى لكم ذلك لأجل التوبة عليكم ﴿وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ أي عليمًا بخلقه حكيمًا فيما شرع.
. ثم بين تعالى حكم القتل العمد وجريمته النكراء وعقوبته الشديدة فقال ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا﴾ أي ومن يقدم على قتل مؤمن عالمًا بإِيمانه متعمدًا لقتله فجزاؤه جهنم مخلدًا فيها على الدوام، وهذا محمول عند الجمهور على من استحل قتل المؤمن كما قال ابن عباس لأنه باستحلال القتل يصبح كافرًا ﴿وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ أي ويناله السخط الشديد من الله والطرد من رحمة الله والعذاب الشديد في الآخرة ﴿يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُواْ﴾ أي إِذا سافرتم في الجهاد لغزو الأعداء فتثبتوا ولا تعجلوا في القتل حتى يتبين لكم المؤمن من الكافر ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ ألقى إِلَيْكُمُ السلام لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ أي ولا تقولوا لمن حياكم بتحية الإِسلام لست مؤمنًا وإِنما قلت هذا خوفًا من القتل فتقتلوه ﴿تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحياة الدنيا﴾ أي حال كونكم طالبين لماله الذي هو حطامٌ سريع الزوال ﴿فَعِنْدَ الله مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ﴾ أي فعند الله ما هو خير من ذلك وهو ما أعده لكم من جزيل الثواب والنعيم ﴿كذلك كُنْتُمْ مِّن قَبْلُ فَمَنَّ الله عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ﴾ أي كذلك كنتم كفارًا فهداكم للإِسلام ومنَّ عليكم بالإِيمان فتبينوا أن تقتلوا مؤمنًا وقيسوا حاله بحالكم ﴿إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ أي مطلعًا على أعمالكم فيجازيكم عليها، ثم أخبر تعالى بفضيلة المجاهدين فقال ﴿لاَّ يَسْتَوِي القاعدون مِنَ المؤمنين - غَيْرُ أُوْلِي الضرر -

1 / 272