214

Safwat Tafasir

صفوة التفاسير

Daabacaha

دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة

Noocyada

اللغَة: ﴿بَثَّ﴾ نشر وفرّق ومنه ﴿وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾ [الغاشية: ١٦] ﴿الأرحام﴾ جمع رحم وهو في الأصل مكان تكون الجنين في بطن أمه ثم أطلق على القرابة ﴿رَقِيبًا﴾ الرقيب: الحفيظ المطّلع على الأعمال ﴿حُوبًا﴾ الحُوْب: الذنب والإِثم ﴿تَعُولُواْ﴾ تميلوا وتجوروا يقال: عال الميزان إِذا مال، وعال الحاكم إِذا جار ﴿صَدُقَاتِهِنَّ﴾ جمع صَدُقة وهو المهر ﴿نِحْلَةً﴾ هبة وعطية ﴿السفهآء﴾ ضعفاء العقول والمراد به هنا المبذّرون للأموال ﴿آنَسْتُمْ﴾ أبصرتم من آنس الشيءَ أبصره ﴿وَبِدَارًا﴾ أي مبادرة بمعنى مسارعة أي يسارع في تبذيرها قبل أن يكبر فيتسلمها منه ﴿سَدِيدًا﴾ من السداد بمعنى الاستقامة.
سَبَبُ النّزول: أ - عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ﴾ فقالت: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليّها تَشركْه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليّها أن يتزوجها بغير أن يُقسط في صِداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن ذلك إِلاّ أن يُقْسطوا لهنَّ ويبلغوا لهنَّ أعلى سنتهن في الصَّداق، فأُمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهنّ، وإِن الناس استفتوا رسول الله ﷺ َ بعد هذه الآية فأنزل الله ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النسآء﴾ الآية.
ب - عن مقاتل بن حيان أن رجلًا من غطفان يقال له «مرثد بن زيد» وليَ مال ابن أخيه وهو يتيم صغير فأكله فأنزل الله ﴿إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليتامى ظُلْمًا ...﴾ الآية.
التفِسير: افتتح الله جل ثناؤه سورة النساء بخطاب الناس جميعًا ودعوتهم إِلى عبادة الله وحده لا شريك له، منبهًا لهم على قدرته، ووحدانيته فقال ﴿ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ أي خافوا الله الذي أنشأكم من أصلٍ واحد وهو نفس أبيكم آدم ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ أي أوجد من تلك النفس الواحدة زوجها وهي حواء ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً﴾ أي نشر وفرّق من آدم وحواء خلائق كثيرين ذكورًا وإِناثًا ﴿واتقوا الله الذي تَسَآءَلُونَ بِهِ والأرحام﴾ أي خافوا الله الذي يناشد بعضكم بعضًا به حيث يقول: أسألك بالله، وأنشدك بالله، واتقوا الأرحام أن تقطعوها ﴿إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ أي حفيظًا مطلعًا على جميع أحوالكم وأعمالكم، وقد أكد تعالى الأمر بتقوى الله في موطنين: في أول الآية، وفي آخرها ليشير إِلى عظم حق الله على عباده، كما قرن تعالى بين التقوى وصلة الرحم ليدل على أهمية هذه الرابطة الإِنسانية، فالناس جميعًا من أصل واحد، وهم

1 / 236