211

Safwat Tafasir

صفوة التفاسير

Daabacaha

دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة

Noocyada

قلوبهم بذكره واستغراق سرائرهم في مراقبته ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السماوات والأرض﴾ أي يتدبرون في ملكوت السماوات والأرض، في خلقهما بهذه الأجرام العظام وما فيهما من عجائب المصنوعات وغرائب المبتدعات قائلين ﴿رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا﴾ أي ما خلقت هذ الكون وما فيه عبثًا من غير حكمة ﴿سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ أي ننزهك يا الله عن العبث فأجرنا واحمنا من عذاب جهنم ﴿رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النار فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ أي من أدخلته النار فقد أذللته وأهنته غاية الإِهانة وفضحته على رءوس الأشهاد ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ أي ليس لهم من يمنعهم من عذاب الله، والمراد بالظالمين الكفار كما قال ابن عباس وجمهور المفسرين وقد صرح به في البقرة ﴿والكافرون هُمُ الظالمون﴾ [البقرة: ٢٥٤] ﴿رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ﴾ أي داعيًا يدعو إِلى الإِيمان وهو محمد ﷺ َ ﴿أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾ أي يقول هذا الداعي أيها الناس آمنوا بربكم واشهدوا له بالوحدانية فصدقنا بذلك واتبعناه ﴿رَبَّنَا فاغفر لَنَا ذُنُوبَنَا﴾ أي استر لنا ذنوبنا ولا تفضحنا بها ﴿وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا﴾ أي امح بفضلك ورحمتك ما ارتكبناه من سيئات ﴿وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبرار﴾ أي ألحقنا بالصالحين قال ابن عباس: الذنوب هي الكبائر والسيئات هي الصغائر ويؤيده
﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ [النساء: ٣١] فلا تكرار إِذًا ﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا على رُسُلِكَ﴾ تكرير النداء للتضرع ولإِظهار كمال الخضوع أي أعطنا ما وعدتنا على ألسنة رسلك وهي الجنة لمن أطاع قاله ابن عباس ﴿وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القيامة﴾ أي لا تفضحنا كما فضحت الكفار ﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا على رُسُلِكَ﴾ أي لا تخلف وعدك وقد وعدت من آمن بالجنة ﴿إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الميعاد﴾ أي لا تخلف وعدك وقد وعدت من آمن بالجنة ﴿فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى﴾ أي أجاب الله دعاءهم بقوله إِني لا أُبطل عمل من عمل خيرًا ذكرًا كان العامل أو أُنثى قال الحسن: مازالوا يقولون ربنا، ربنا، حتى استجاب لهم ﴿بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ﴾ أي الذكر من الأنثى، والأنثى من الذكر، فإِذا كنتم مشتركين في الأصل فكذلك أنتم مشتركون في الأجر ﴿فالذين هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ﴾ أي هجروا أوطانهم فارين بدينهم، وألجأهم المشركون إِلى الخروج من الديار ﴿وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي﴾ أي تحملوا الأذى من أجل دين الله ﴿وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ﴾ أي وقاتلوا أعدائي وقتلوا في سبيلي ﴿لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ أي الموصوفون بما تقدم لأمحونَّ ذنوبهم بمغفرتي ورحمتي ﴿وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار ثَوَابًا مِّن عِندِ الله﴾ أي ولأدخلنهم جنات النعيم جزاءً من عند الله على أعمالهم الصالحة ﴿والله عِندَهُ حُسْنُ الثواب﴾ أي عنده حسن الجزاء وهي الجنة التي فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم نبه تعالى إِلى ما عليه الكفار في هذا الدار من النعمة والغبطة والسرور، وبيَّن أنه نعيم زائل فقال ﴿لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الذين كَفَرُواْ فِي البلاد﴾ أي لا يخدعنك أيها السامع تنقل الذين كفروا في البلاد طلبًا لكسب الأموال والجاه والرتب ﴿مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المهاد﴾ أي إِنما يتنعمون بذلك قليلًا ثم يزول هذا النعيم، ومصيرهم في الآخرة إِلى النار، وبئس الفراش والقرار نار جهنم. ﴿لَكِنِ الذين اتقوا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن

1 / 231