103

Safwat Tafasir

صفوة التفاسير

Daabacaha

دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة

Noocyada

فسادًا ويُضل الناس بخلابة لسانه وقوة بيانه، وفريق باع نفسه للحق يبتغي به رضي الله ولا يرجو أحدًا سواه، ولما كان لا بدّ من التنازع بين الخير والشر - ولا بدَّ للحق من سيفٍ مصلتٍ إلى جانبه - لذا شرع الله للمؤمنين أن يحملوا السيف مناضلين وشرع الجهاد دفعًا للعدوان وردعًا للظلم والطغيان.
اللغة: ﴿بَغْيًا﴾ البغيُ: العدوان والطغيان. ﴿وَزُلْزِلُواْ﴾ مأخوذ من زلزلة الأرض وهو اضطرابها والزلزلة: التحريك الشديد. ﴿كُرْهٌ﴾ مكروهٌ تكرهه نفوسكم قال ابن قتيبة: الكرهُ بالضم المشقة وبالفتح الإكراه والقهر. ﴿صَدٌّ﴾ الصدُّ: المنع يقال: صدّه عن الشيء أي منعه عنه. ﴿يَرْتَدِد﴾ يرجع والردةُ الرجوع من الإِيمان إلى الكفر قال الراغب: الارتداد والردة: الرجوع في الطريق الذي جاء به منه لكن الردَّة تختص بالكفر، والارتداد يستعمل فيه وفي غيره قال تعالى: ﴿فارتدا على آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ [الكهف: ٦٤] ﴿حَبِطَتْ﴾ بطلت وذهبت قال في اللسان: حبط عمل عملًا ثم أفسده وفي التنزيل ﴿فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ٩] أي أبطل ثوابهم ﴿يَرْجُونَ﴾ الرجاء: الأمل والطمع في حصول ما فيه نفعٌ ومصلحة.
سبب النّزول: بعث رسول الله ﷺ َ عبد الله بن جحش على سرية ليترصدوا عيرا لقريش فيها «عمرو بن الحضرمي» وثلاثة معه فقتلوه وأسروا اثنين واستاقوا العير بما فيها من تجارة، وكان ذلك أول يوم من رجب وهم يظنونه من جمادى الآخرة فقالت قريش: قد استحل محمد الشهر الحرام، شهرًا يأمن فيه الخائف ويتفرق فيه الناس إلى معايشهم وعظم ذلك على المسلمين فنزلت ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشهر الحرام قِتَالٍ فِيهِ ... .﴾ الآية.
التفسِير: ﴿كَانَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ أي كانوا على الإِيمان والفطرة المستقيمة فاختلفوا وتنازعوا ﴿فَبَعَثَ الله النبيين مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾ أي بعث الأنبياء لهداية الناس مبشرين للمؤمنين بجنات النعيم ومنذرين للكافرين بعذاب الجحيم ﴿وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكتاب بالحق لِيَحْكُمَ بَيْنَ الناس فِيمَا اختلفوا فِيهِ﴾ أي وأنزل معهم الكتب السماوية لهداية البشرية حال كونها منزلة بين الناس في أمر الدين الذي اختلفوا فيه ﴿وَمَا اختلف فِيهِ إِلاَّ الذين أُوتُوهُ﴾ أي وما اختلف في الكتاب الهادي المنير المنزل لإِزالة الاختلاف إلا ﴿مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ البينات﴾ أي من بعد ظهور الحجج الواضحة والدلائل القاطعة على صدق الكتاب فقد كان خلافهم عن بيّنة وعلم لا عن غفلةٍ وجهل ﴿بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ أي حسدًا من الكافرين للمؤمنين ﴿فَهَدَى الله الذين آمَنُواْ لِمَا اختلفوا فِيهِ مِنَ الحق بِإِذْنِهِ﴾ أي هدى الله المؤمنين للحق الذي اختلف فيه أهل الضلالة بتيسيره ولطفه ﴿والله يَهْدِي مَن يَشَآءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ أي هيدي من يشاء هدايته إِلى طريق الحق الموصل إِلى جنات النعيم ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة﴾ أي بل ظننتم يا معشر المؤمنين أن تدخلو الجنة بدون ابتلاءٍ وامتحان واختبار ﴿وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم﴾ أي والحال لم ينكلم مثل ما نال من سبقكم من المؤمنين من المحن الشديدة، ولم تُبتلوا بمثل ما ابتلوا به من النكبات ﴿مَّسَّتْهُمُ البأسآء والضرآء﴾ أي أصابتهم الشدائد والمصائب والنوائب ﴿وَزُلْزِلُواْ حتى يَقُولَ الرسول والذين آمَنُواْ مَعَهُ متى نَصْرُ الله﴾؟ أي أزعجوا إزعاجًا شديدًا شبيهًا بالزلزة حتى وصل بهم

1 / 122