Safwat Ikhtiyar
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Noocyada
فصل:[الكلام في ترجيح العلة بما يرجع إلى فرعها]
وأما ترجيح العلة الراجع إلى فرعها فمعناه أن تكون فروع إحدى العلتين أكثر من فروع الأخرى فتكون أعم من الأخرى، وقد اختلفوا في الترجيح بذلك.
فذهب قوم إلى أن ذلك وجه ترجيح ورجحوا المتعدية على القاصرة بذلك، وهو قول الشافعي وقاضي القضاة.
وذهب آخرون إلى أن ذلك لا يرجح به، وهو قول أصحاب أبي حنيفة وأبي عبدالله وأبي الحسن الكرخي وأبي الحسين البصري والسيد أبي طالب عليه السلام، وكان شيخنا رحمه الله تعالى يذهب إليه، وهو الذي نختاره.
وكان يحكي أن الأولين احتجوا لصحة مذهبهم: بأنها إذا كثرت فروعها كثرت فوائدها فكانت أولى، ويمكن أن يجابوا عن ذلك: بأن ثباتها في فروعها وتعلق فروعها بها فرع على رجحانها ليصح استعمالها فكيف يصح أن يكون ترجيحا لها ومن حق الترجيح أن يؤثر في الأصل.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: أن كثرة فروعها يرجع إلى كثرة مواضعها التي وجدت فيها، وكثرة مواضعها التي وجدت فيها لا تؤثر في أصلها كما قلنا في العمومين إذا كان أحدهما أكثر فروعا من الآخر، ولأن قولهم هذا يؤدي إلى اعتبار تأثير الفرع في الأصل، وهذا مخالف لطريقة أهل العلم والدلالة فلا يجوز اعتباره.
مسألة:[الكلام في ترجيح العلة بما يرجع إلى الأصل والفرع]
فأما ترجيح العلة بما يرجع إلى الأصل والفرع، وهو أن تكون إحدى العلتين يرد بها الفرع إلى ما هو من جنسه كرد كفارة إلى كفارة، والأخرى يرد بها الفرع إلى ما ليس من جنسه كرد الطهارة إلى الكفارة.
فكان شيخنا رحمه الله تعالى يرى أن رد الشيء إلى جنسه أولى على كل حال، وذكر أن ذلك مذهب الشيخ أبي الحسن الكرخي وأبي الحسين البصري وأكثر الشافعية.
وذهب بعضهم إلى أن ذلك لا يرجح به.
وكان رحمه الله تعالى يحتج لصحة الأول: بأن الشيء أكثر شبها بجنسه منه بغير جنسه والقياس يتبع الشبه، فكونه من جنسه يقوي الظن، وإن لم تكن تلك الوجوه علة، قال: وبالجملة إن رد الشيء إلى جنسه أولى.
Bogga 358