Safwat Ikhtiyar
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Noocyada
فأما إذا علم أن أهل اللغة وضعوا اسما لمعنى أو صفة ولم يخصوا به نوعا أو جنسا، ثم وجد ذلك المعنى في موضع آخر جاز أن يقاس عليه، ولا يجوز إثبات الاسم اللغوي قياسا على الشرعي، وذلك هو قول جماعة من المتكلمين منهم القاضي وأبو رشيد وأبو الحسين البصري، والحاكم واختيار السيد أبي طالب عليه السلام، وكان شيخنا رحمه الله تعالى يذهب إليه، ونحن نختاره.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: أنه لا بد للقياس من أصل يرجع إليه في تصحيح حكم الفرع وإلا لم يكن قياسا، والإبتداء في إثبات الأسامي بالقياس لا يصح؛ فإذا علم أن أهل اللغة وضعوا اسما لمعنى أو صفة كما شرطنا أولا، ثم وجد ذلك المعنى على الوجه الذي ذكرنا فإنه يجوز أن نقيسه عليه ويجرى عليه ذلك الاسم، كما نقول فيمن علم من أهل اللغة أنهم سموا ما حله البياض من الأجسام أبيض لمجرد حلول البياض فيه، فإذا زال البياض عنه لم يسموه أبيض؛ فإنا إذا وجدنا جسما غائبا منهم والبياض حال فيه، فإنا نسميه أبيض قياسا على تسميتهم.
فأما إثبات الأسماء اللغوية بالأقيسة الشرعية لإثبات الأحكام الشرعية فذلك لا يجوز، لأن اللغة متقدمة على الشرع فلم يأت الشرع إلا بعد تقررها، بل لم يتوصل إلى معرفة الأسامي الشرعية إلا بعد معرفتها؛ لأن الله سبحانه خاطبنا بها فلو أثبتناها بالأقيسة الشرعية لكنا قد جعلنا الفرع على ثبوت الشيء أصلا فيه، وذلك لا يجوز كما لا يجوز أن نقيس البر على الأرز في التحريم.
وأما إثبات الأسامي الشرعية بالقياس فجائز، كما قدمنا في إثبات الأسامي اللغوية بالقياس على الوجه الذي ذكرنا.
ومعنى ذلك: أن نعلم أن أهل الشرع سموا مسمى باسم مخصوص باختصاصه بصفة، ونجد تلك الصفة ثابتة في غيره فنسميه بذلك الاسم قياسا.
Bogga 333