Safwat Ikhtiyar
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Noocyada
واختيارنا في هذه المسألة: أن جواز التعبد بالقياس والإجتهاد في محضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يكون إلا لمن غاب دون من حضر؛ لأن الأدلة التي قدمنا ذكرها من خبر معاذ وغيره تناولت الغائب دون الحاضر فلا تستعمل في غير ما تناوله، وإنما الكلام في مقدار الغيبة التي يجوز معها الإجتهاد في حياته عليه وآله السلام.
فذكر شيخنا رحمه الله تعالى في المذاكرة ما قدمنا ذكره، وروينا عنه على غالب الظن ووضع في كتابه أن ذلك لمن لم يمكنه مراسلته عليه السلام في أمر الحادثة.
واختيارنا في أمر الغيبة: أنه إن كان في موضع يتحمل في وصول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومراسلته سفرا، كان فرضه الإجتهاد والقياس.
وإن كان في موضع دون ذلك وجب عليه الرجوع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما قلنا ذلك؛ لأن أدلة الإجتهاد قد دلت على وجوب استعماله في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمن غاب عنه، وأقل الغيبة في العرف الشائع ما يسمى سفرا وأكثرها لا يقف على حد معين، فلا يجوز الإقتصار منه على قدر دون قدر بغير دليل، وإمكان المراسلة قائم في البعد والقرب على سواء بأن تصدر الحوادث ثم يطلب أجوبتها منه عليه وآله السلام، فلما لم يكن ذلك إخترنا أن المجتهد إذا قد صار مسافرا صار غائبا، ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ((بم تحكم إن لم تجد في الكتاب والسنة))، قال: أجتهد رأيي، ولم يفصل بين من سأله في طريقه وبين من يسأله من مستقره وغاية مراده، فإذا سئل وهو من أهل الإجتهاد لزمه فرض الحادثة فيتعين عليه الجواب.
Bogga 304