248

وحكى عن الشيخ أبي عبدالله والشيخ أبي الحسين أنه لا يجب القطع على ذلك إلا إذا علم أنهم أجمعوا لأجله، وكان شيخنا رحمه الله تعالى يعتمد ذلك، وهو الذي نختاره.

والذي يدل على صحته: أن خبر الواحد أمارة يجوز اختلافهم في استعمالها، وذلك معلوم لنا من حالهم؛ لأنهم متعبدون فيها بغالب الظن ويجوز أن لا يغلب على ظن بعضهم صدق ذلك الخبر فلا يجوز لهم العمل عليه، ويعملون على خبر آخر أو قياس، ومع تجويز هذا لا يجوز القطع على أنهم أجمعوا لأجله؛ لأنه يكون إقداما على ما لا يأمن الإنسان خطأه فيه وذلك لا يجوز.

فأما إذا علم أنهم أجمعوا لأجله فإنه يجب علينا القطع على ما نحن نعلم، وحصول العلم لنا أنهم أجمعوا لأجله يقع بوجوه:

منها: أن يختلفوا في الحكم إلى أن يروي الواحد الخبر فينقطع الخلاف لأجل روايته وذلك كخبر وجوب الغسل من التقاء الختانين.

ومنها: أن يتوقفوا في الحكم حتى يروي لهم الراوي الخبر كما في قصة خبر عبد الرحمن بن عوف في المجوس.

ومنها: أن ينصوا أنا أجمعنا لهذا الخبر.

ومنها: أن لا يكون للإجماع وجه يرد إليه إلا معنى هذا الخبر، وهذا النوع الآخر يمكن أن لا يحصل لنا به العلم أنهم أجمعوا لأجله لتجويزنا أن يكون له وجه آخر من أخبار الآحاد قضى بصحته عند بعضهم ثم لم ينقل إلينا اكتفاء بالإجماع فانقطع نقله فلا يجوز لنا مع هذا التجويز القطع فيما هذا حاله.

فصل: في معرفة طرق الإجماع التي بها يلزم فرض الإجماع

[تقسيم طرق الإجماع]

اعلم أن طرق الإجماع لا تخلو: إما أن تكون شرعية معلومة أو مظنونة.

فالمعلومة لا تخلو: إما أن تكون عقلية أو غير عقلية، وغير العقلية لا تخلو: إما أن تكون شرعية أو غير شرعية، ولا يجوز أن يحصل لنا علم الإجماع بالعقل؛ لأنه لا هداية للعقل إلى العلم بأحوال الناس؛ لأن ذلك يلحق بعلم الغيب الذي استأثر الله سبحانه بالإحاطة به.

Bogga 273