Safwat Ikhtiyar
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Noocyada
وكذلك الرواية عن سفيان الثوري(2) أنه قال: إن الأكل ناسيا في نهار شهر رمضان لا يفطر والجماع ناسيا يفطر، ومن تقدمه افترقوا على قولين:
فمنهم من قال: يفطران.
ومنهم من قال: لا يفطران.
وكان شيخنا رحمه الله تعالى يحتج بأنه لم ينكر عليه أحد ما هذا حاله، وكان ذلك إجماعا على جواز إحداث القول الثالث، الذي هذه سبيله.
فأما إذا كانت المسألة واحدة كمسألة الجد فإنه لا يجوز إحداث قول ثالث؛ لأنه يكون مخالفة لسبيل المؤمنين ومخالفتهم لا تجوز كما تقدم؛ لأن القول الثالث في مسألة الجد يكون قولا بأن المال للأخ دون الجد، وهذا لم يقل به أحد منهم؛ لأن منهم من أعطاه قسطا من المال، ومنهم من أعطاه جميعه، وهذا القول الثالث لم يقض للجد بشيء من المال مع أن الكل قد أجمع أن لا بد له من تناول بعض المال أو مجموع أبعاض المال.
فالقول الثالث كما ترى يكون مخالفة لسبيلهم، والمنع من إحداث هذا القول ليس إلا بخروجه عن سبيل المؤمنين.
فأما طريقة الإجتهاد فهو يمكن استعمالها هاهنا لولا الإجماع بأن يقال: إن الأخ أقوى في باب التعصيب من الجد فيأخذ المال، ولكن منع من ذلك انعقاد الإجماع على خلاف هذا القول بخلاف ما ذكر فيما تقدم فإنه لما أمكن استعمال طريقة الإجتهاد وهو أحد طرق الشرع، ولم يكن ذلك يؤدي إلى اتباع غير سبيل المؤمنين قلنا بجوازه.
مسألة:[الكلام في أهل العصر إذا لم يفصلوا بين مسألتين]
فأما إذا لم يفصل أهل العصر بين مسألتين فلا يخلو إما أن ينصوا على أن لا فصل بينهما أو لا ينصوا على أن لا فصل بينهما.
فإن نصوا على أن لا فصل بينهما لم يجز الفصل؛ لأنه يكون مخالفة لسبيلهم، وذلك لا يجوز.
وإن لم ينصوا ولكن لم يوجد فيهم من فرق بينهما، نحو أن يحكم بعض الأمة في المسألتين بحكم، ويحكم بعضهم في المسألتين بنقيضه كأنه يبيح بعضهم إحدى المسألتين، ويحظرهما البعض الآخر، وذلك ضربان:
Bogga 265