أولا : مديرية صعدة المركز الإداري للمحافظة
أ- مدينة صعدة :-
1-المساجد التاريخية وهجر العلم : كان للمسجد قديما وظائف اجتماعية عديدة بالإضافة إلى كونه مكان عبادة ، ومدينة صعدة مليئة بالمساجد القديمة التي يرجع تأريخها إلى ( القرنين الثالث والرابع الهجريين القرنيين التاسع والعاشر الميلاديين ) ، وقد أدت المدينة وظائف اجتماعية هامة كواحدة من هجر العلم التي كانت مشهورة في اليمن حيث كانت مساجدها تعمل على نشر العلم بمختلف جوانبه وتعتبر هذه المساجد مراكز للحل والعقد لكثير من قضايا الناس الاجتماعية وبما أن تلك المساجد موروث تاريخي لما تحتويه من كنوز للفنون الإسلامية بزخارفها النباتية والهندسية والكتابات الإسلامية المنفذة بتقنية فنية رائعة ، ولأهميتها سنورد بعضا منها وهي تلك التي اشتهرت أسماء حاراتها القديمة بشهرة أسماء مساجدها التي نسبت إليها مثل :
- جامع الإمام الهادي الواقع بحارة الهادي
- مسجد النزاري الواقع بحارة النزاري
- مسجد شيبان الواقع بحارة شيبان
- مسجد الذهب الواقع بحارة الذهب
- مسجد الذويد الواقع بحارة الذويد
وغيرها من المساجد مثل مسجد بركات ، مسجد القصر ، مسجد صبيح ، مسجد عليان ومسجد الطائي ، كل هذه الأسماء من المساجد الواقعة في ساحة مدينة صعدة القديمة تعكس أهميتها ومكانتها الدينية والعلمية كمركز إشعاع ديني وعلمي آنذاك وسنتناول بالتفصيل جامع الإمام الهادي :
Bogga 1
جامع الإمام الهادي :- يقع " جامع الهادي " بحارة الهادي على الجهة اليسرى من باب اليمن بناه الإمام " يحيى بن الحسين الهادي " سنة ( 288 ه 901 م ) ، ويعتبر أقدم وأكبر المساجد في صعدة يتكون من أربعة أروقة للصلاة بالإضافة إلى صرحين مكشوفين وأربع قباب عليها زخارف فنية جصية لأشكال نباتية محاطة بآيات قرآنية ، وتمت توسعات لهذا الجامع في المراحل التاريخية اللاحقة لوفاة الهادي خاصة في مؤخرة المشهد والمئذنة التاريخية لجامع الهادي التي تعتبر آية من الفن المعماري الهندسي ، وكانت المدرسة العلمية بجامع الهادي مركز إشعاع علمي تخرج منها العديد من علماء اليمن المبرزين في مختلف العلوم ، ولعبت هذه المدرسة دورا تاريخيا كغيرها من المدارس اليمنية في تريم وزبيد وذمار وغيرها .
حياة الإمام الهادي : الإمام " الهادي إلى الحق" هو " يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب " ، كانت ولادته بالمدينة المنورة سنة ( 245ه 859 م)، وقد وصفه " المحلي " بأنه كان مشتغلا بالعلم مشهورا بالزهد والورع خرج إلى اليمن مرتين الأولى كانت سنة ( 280 ه 889 م ) والثانية سنة ( 284 ه 898 م ) ، ويعتبر الهادي إلى الحق مؤسس الدولة الزيدية في اليمن التي استمرت من سنة (( 284 - 1382ه ) ( 898 - 1962 م ) ) وكل الأئمة " الزيدية " في اليمن ينتسبون إليه ويدينون له بالفضل ، ولقب بالإمام ؛ فكان أول من تلقب به في اليمن هو الإمام " الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين " .
- وفاة الإمام الهادي : يشير " ابن علوي " بأن آخر حروب الهادي كانت بنجران ، وكان عليلا من مرض أصابه فمات على إثره بمدينة صعدة ، وذلك يوم الأحد العشر الباقية من ذي الحجة آخر سنة ( 298 ه 911 م ) ودفن يوم الإثنين قبل الزوال .
Bogga 2
- وصف ضريح الإمام الهادي :يقع الضريح داخل جامع الهادي في الجهة الجنوبية منه ، ويفصل بينهما صحن الصرح ويحيط بالضريح من الشرق والغرب والجنوب أضرحة ولديه وحفيده ، وهما المختار والناصر والمرتضى ، وضريح الإمام الهادي يتخذ شكلا مربعا طول ضلعه الشمالي من الخارج ( 6.70 متر ) ، ويصعب قياس أضلاعه من الداخل لملاصقتها الأضرحة الأخرى من الشرق والغرب والجنوب ، كما يبلغ ارتفاع جدران الضريح نحو ( 5.45 متر ) ، وترتفع رقبة القبة ( 1.50 متر ) ، وارتفاع القبة عموما فوق الضريح بنحو ( 2.25 متر ) .
Bogga 3
- مدخل الضريح :يقع المدخل في الجدار الشمالي المطل على صحن المسجد عرضه ( 1.25 متر ) وارتفاعه ( 2.4 متر ) ، متوج بعقد مدبب زين بزخرفة جصية مفصصة ، ويكتنف العقد من الجانبين نص كتابي في الجانب الأيمن : ( لا إله إلا الله ) ، والجانب الأيسر : ( محمد رسول الله ) ، ويغلق عليه باب خشبي ذو مصراعين وأسكفة وعارضتين ربط بينهما بالمفاصل الحديدية ، والنافذة اليسرى عرضها ( 90 سم ) ، وارتفاعها ( 1.80 متر ) واليمنى عرضها ( 80 سم ) ، وارتفاعها ( 1,50 متر ) ، والنوافذ والمدخل يقعان داخل حنايا مستطيلة الشكل توجت بعقود نصف دائرية ، كما يتوسط هذه العقود نوافذ دائرية الشكل ، ويفتح في الجدار الشرقي للضريح نافذة مستطيلة الشكل عرضها ( 1 متر ) ، وارتفاعها ( 1.50 متر ) ، ويتوج الضريح من الأعلى قبة نصف كروية أقيمت على رقبة مستديرة فتح فيها ثمان نوافذ متوجة بعقود نصف دائرية تقع داخل عقود أخرى نصف دائرية أيضا ، وقد عمد الفنان المعماري إلى تزين رقبة القبة بزخارف نباتية وهندسية قوامها مستطيلات بداخلها ورود مثمنة تخرج منها خطوط ، قسم المستطيل إلى أقسام أربعة ، منها خطان طويلان وآخران قصيران ، أما الطويلان فينتهي كل منهما بورقة ثلاثية قسمت إلى قسمين في كل مربع قسم منها ؛ إضافة إلى أنه زين كل مربع بترس ذي ( اثني عشر رأسا ) ، وهذه الزخارف محصورة بين كل نافذتين ، كما يعلو تلك الزخرفة ويدنوها زخارف عبارة عن عقود متراصة عملت من الجص ، إلى جانب ذلك يعلو تلك الزخرفة شريط يبرز قليلا إلى الخارج نفذ من الجص وزين بنقش كتابي بخط النسخ ، ويتوج الضريح من الأعلى قبة نصف كروية عالية الارتفاع زين بدنها بدوائر صغيرة ذات لون أخضر تنتهي من الأعلى بزخرفة الهلال .
Bogga 4
وقد تم بناء ضريح الهادي من الحجر الأبيض " الصعدي " بلق ، بلغت عدد مداميكه ( 22 مدماكا ) ، والقبة من الآجر ، وتم كساؤها بمادة القضاض حتى تمنع تسرب المياه إلى داخل الضريح ، ويعتبر تخطيط ضريح الهادي متميزا إذ أنه لم يلتزم المعمار في تخطيطه بتطور الأضرحة ، فتخطيطه يتكون من قاعة وسطية مربعة الشكل تمثل صدر المبنى ، تفتح من ثلاث جهات بواسطة عقود على قاعات مربعة تشمل أضرحة الأحفاد ، وقد جاء هذا التخطيط للحاجة إلى البناء بهذا الشكل إذ بنيت هذه الأضرحة بعد وفاة الإمام الهادي بنحو ( أربعة قرون ) مما جعل الإمام المهدي يأمر بالبناء على الأضرحة والتي كانت مدفونة في وضع غير متناسق ليبنى عليها قبة واحدة مربعة الشكل ، ونتيجة لوضع الدفن فقد عمد المعمار إلى بناء قباب على الجميع والربط بينهم بفتحات العقود من ضريح الهادي ليوثق الصلة ليست بالقرابة فحسب ولا بالجوار في القبور فقط بل زاد في الصلة بالمباني ، فقد فتح المعمار العقود على أضرحة الأبناء والحفيد ، وكأنه يفتح ذراعيه وصدره لهم .
2 الديرة ( السور ) :-
يرجع بناء سور مدينة صعدة إلى عام ( 940 ه القرن السادس عشر الميلادي ) ، وقد تم تأسيسه بأمر الإمام " يحيى شرف الدين " ، وتناقل الرواة أن فترة العمل في بناء السور استمرت ستة أشهر واستخدم في تشييده ( 500 عامل ) من مهن مختلفة ، وشيد السور من مادة الطين الزابور المخلوط بالتبن واتخذ الشكل الدائري المتعرج لتسهيل عملية المراقبة وصد هجمات الغزاة لحماية المدينة ومركز الحكم فيها ، ومقاومة العوامل الطبيعية .
Bogga 5
وللسور أربعة أبواب تؤدي إلى داخل المدينة وهي : باب نجران ، باب سويدان ، باب المنصورة ، باب همدان ، وقد شيدت في أعلى السور ( 52 برجا ) من أبراج المراقبة لغرض الحراسة ، وتحوي عددا من سلالم الصعود بعدد ( 16 سلما ) ، ويبلغ إجمالي طول السور ( 3326 مترا ) ، ويتدرج سمك السور عند الأساس ( 5 مترات ) ، وسمكه عند السطح ( 4 مترات ) ، ويبلغ عدد إجمالي ميازيب السور الخاصة بتصريف مياه الأمطار إلى الخارج ( 94 ميزابا ) ، وارتفاع السور من الخارج يبلغ ( 8 مترات ) ، ومن الداخل ( 6 مترات ) .
3- القشلة :-
يرجع تاريخ بناء القشلة بحسب رأي المؤرخ " حسين عيظة الشعبي " إلى ( بداية القرن السادس عشر الميلادي ) خلال عهد الإمام " يحيى شرف الدين " ، وكانت مقرا لإدارة الحكم بينما يرى الدكتور " يوسف محمد عبدالله " أن تاريخها يرجع إلى ( القرن التاسع عشر الميلادي ) ، وهي عبارة عن مبنى من الطين تم تشييده على التل الوحيد المشرف على المدينة ومحاطة بسور ، ويتبعها سراديب تؤدي إلى بير جامع صبيح .
4 سمسرة الهادي :-
Bogga 6
من المعروف أن مدينة صعدة التي أختطها الإمام " الهادي إلى الحق " وأتخذها عاصمة له وبنى فيها جامعه المشهور ، وانتقل إليها سكان المدينة القديمة وبنوا منازلهم حول الجامع وشهدت المدينة نهضة علمية حتى صارت مركز إشعاع علمي ، ونهضة زراعية وصناعية وتجارية ، وكانت محطة رئيسية هامة على الطريق التجاري القديم المسمى " درب أسعد " و" درب أصحاب الفيل " و" طريق الحجيج " ، وبدأت تتشكل ملامح وتكوينات المدينة الإسلامية في بداية القرون الوسطى بكل مرافقها الرئيسية ابتداء من الجوامع ، وبناء السور ببواباته القديمة وقلعتها الشهيرة كمقر للحكم وبناء الحمامات العامة القديمة ، وتخطيط السوق القديم الخاص بالمدينة وتشييد السماسر وكان أبرزها وأهمها سمسرة الهادي التي كانت تؤدي وظائف عديدة منها : حفظ السلع التجارية وخزن الحبوب والمحاصيل وغيرها من التسهيلات التجارية التي واكبت متطلبات جوانب الحياة آنذاك .
Bogga 7
5 مقبرة صعدة :- توجد في محافظة صعدة العديد من المقابر في أنحاء مديرياتها ومعظمها مسورة ، وأهمها جبانة مدينة صعدة التاريخية التي تتفرد بتميزها عن الجبانات الأثرية في العالم الإسلامي ، إذ يرجع تاريخ هذه الجبانة على الأرجح إلى ( القرن الثالث الهجري القرن التاسع الميلادي ) ، ويستمر تاريخها حتى الآن ، تدل على ذلك آلاف الشواهد القائمة بها إلى اليوم ، وشواهد القبور في جبانة صعدة تحمل في طياتها دلائل عديدة توضح في المقام الأول من الوجهة الأثرية إبداع الخطاط اليمني وقدرته ومهارته عبر العصور الإسلامية ، كما تحمل أيضا طابع الثراء الزخرفي ، لاسيما الزخارف النباتية والهندسية التي انتشرت في الفن الإسلامي ، بحيث تشهد هذه الكتابات والزخرفة للخطاط والفنان اليمني امتلاكه كفاءة وأصالة ومهارة عالية وذوقا فنيا رفيعا ولقد أضفى التتابع الزمني على شواهد جبانة صعدة الأثرية المزيد من الأهمية ، فضلا عن احتوائها على ألقاب عديدة أطلقت على أصحابها بشيء من الإسهاب في كثير من الأحيان ، وهذه الجبانة العظيمة ضمت رفات معظم أهل صعدة في العصر الإسلامي ، من رجال ونساء وأطفال تبقى اليوم شواهدها معبرة عن فكر وثقافة عاشها مجتمع صعدة ويتضح ذلك في العديد من الوظائف العلمية والدينية التي أوضحتها نصوص الألقاب على كثير من الشواهد الباقية فيها ومنهم العديد من العلماء الذين تخرجوا من مدرسة الإمام الهادي بالإضافة إلى العديد من الأئمة مثل الإمام الكينعي ، أما شواهد القبور من الألواح الحجرية فنوعية تركيبها الجيولوجي متنوع بين الحجر الرملي وحجر البازلت والحجر الجيري البلق ، وهذا النوع غلب استخدامه في معظم الشواهد بالجبانة ، وهذه الألواح الحجرية تصقل جيدا من وجه واحد ويترك الآخر ، والجانب المصقول تتناوله يد الخطاط والمزخرف ، وتتضمن كتابات عليها أسم المتوفى وسنة الوفاة ، وبعض الآيات القرآنية والأدعية بالرحمة للمتوفى ، كما تضمنت بعض مناقب المتوفى ، وتمت تلك الكتابات بخط محزوز على ألواح الشواهد القبورية يحيطها زخارف فنية جميلة الأشكال نباتية وهندسية غاية في الإبداع الفني الرفيع ، كما استخدم الفنان اليمني في معظم شواهد جبانة صعدة الأثرية خط الثلث وبشكل واضح عن غيره من أنواع الخطوط العربية الأخرى ، وسنأخذ أمثلة للأضرحة الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة صعدة والتي تعتبر من أهم أضرحة جبانة صعدة وأضرحة العالم الإسلامي ، إذ مازالت تحتفظ ببعض معالمها الأثرية من أضرحة وشواهد قبور قائمة بها حتى اليوم وكثير منها في حالة جيدة وتراكيبها مبنية ، وهي بذلك تعتبر ثروة تاريخية عظيمة للدارسين في سبيل تحقيق دراسة اجتماعية وثقافية من واقع الشواهد ، فضلا عن دراسة تطور الخط العربي الذي تزدان به تلك الشواهد ، إلى جانب أنها تلقي الضوء على كثير من الأنساب وصلة القربى ، وبما أن المقبرة لازالت تحتفظ ببعض الأضرحة ذات القباب فإن بعضها آيل للسقوط وقد سقط اثنان منها ، ومن المهم توثيق ما تبقى من تلك الأضرحة والاحتفاظ بوصف لها من الناحية الأثرية والمعمارية حتى لا تندثر دون أن يكون هناك دراسة شاملة لها ، لأن هذه الأضرحة تنفرد عن بقية الأضرحة اليمنية في تكوينها المعماري فهي على شكل جوسق يعلوه قبة وتتشابه الأضرحة في مقبرة صعدة فيما بينها ، بالإضافة إلى أن الضريح الواحد يحتوي على أكثر من قبر مما يجعلنا لا نعرف بالتحديد لمن تلك القبور التي بداخل الضريح وهذا النمط موجود في مقابر أسوان بصعيد مصر ، حيث يتشابه تخطيط أضرحة مقبرة صعدة مع تخطيط بعض الأضرحة في جبانة أسوان ، وخاصة تلك التي اتخذت أشكال الجوسق المفتوح من جوانبه الأربعة ، كما تشابه تخطيط أضرحة مقبرة الحلة بالعراق الواقعة إزاء مشهد الشمس .
Bogga 9
وصف نموذج ضريح من مقبرة صعدة : هذا الوصف للضريح الواقع شمال المقبرة ويعتبر أقدم ضريح باق فيها ، وذلك استنادا إلى تاريخ الشاهد الموجود فيه ، وهو عبارة عن جوسق يتكون من أكتاف تشكل زوايا قائمة تحمل عقودا مدببة شكلت مربعا طول ضلعه ( 4,3 متر ) بينما يبلغ عرض الكتف ( 1,38 متر ) وسعة فتحة العقدة ( 1,8 متر ) بارتفاع ( 3 مترات ) بني الجزء السفلي منه بالحجر حيث بلغت عدد مداميكه ( سبعة مداميك ) ثم أكمل بقية البناء بالآجر والجص وتنتهي جدران الضريح من الأعلى بطنف بارز عن سمك الجدار الذي زين بزخرفة مسننة عملت من الآجر ، ويتوج الضريح من الأعلى قبة مضلعة الشكل أقيمت على مثمن ويبلغ ارتفاع الضريح ( 5,4 متر ) تعلوه القبة التي يصل ارتفاعها ( 2,98 متر ) وبذلك يصل ارتفاع الضريح مع القبة إلى ( 8,2 متر ) ، وقد تساقطت طبقات القضاض التي كانت تغطي القبة وتمنع تسرب المياه إلى داخل الضريح مما يؤدي إلى سرعة تهدمه ، ويمكن الوصول إلى داخل الضريح عن طريق أية فتحة عقد تفضي إلى قاعة الضريح وهي مربعة الشكل طول ضلعها ( 3 مترات ) تفتح بالجهات الأربع بعقود مدببة ، ويعلو جدران الضريح منطقة الانتقال ، وهي عبارة عن حنايا ركنية ذات عقود نصف دائرية تحصر فيما بينها حنايا مصمتة في منتصف جدران الضريح الأربعة يعلوها منطقة مثمنة الشكل قصيرة أقيمت عليها قبة مضلعة الشكل عدد أضلاعها عشرة ؛ ينبع تضليعها من مركز القبة بشكل إشعاعي .
وهذا الضريح خال من الزخارف ، كما يعتبر أحسن حالا من ناحية البناء نسبة إلى بقية الأضرحة ويرجع تأريخ هذا الضريح إلى سنة ( 847 ه 1444 م ) بموجب تاريخ شاهد القبر .
التركيبة : يتوسط الضريح تركيبة مبنية من الحجر غير المهندم وغير مغطى بطبقة جصية ، وهي على شكل مستطيل طولها ( 2,25 متر ) تحتل أغلب مساحة الضريح ويعلوها شاهد قبر .
Bogga 10
شاهد القبر : يعلو التركيبة شاهد قبر مستطيل به كسر في ركنه الأيمن عمل من حجر البلق وزين بأسطر كتابية نفذت بخط الثلث وبالحفر البارز ، ويتكون الشاهد من ( إثنا عشر سطرا ) كتابيا أحيط بإطارات من جميع الجهات منها إطار زخرفي قوام زخرفته الورقة الثلاثية ونص الشاهد يحتوي على التالي :-
" البسملة والصلاة على رسول الله ذكر أسم صاحبة القبر " وهي امرأة اسمها " سمرة بنت علي بن يحيى مداعس " ذكر الشاهد اليوم والشهر وسنة الوفاة ، وهي يوم الخميس 28 جمادى الآخر سنة ( 847 ه ) .
ذكر اسم كاتب الشاهد وهو حسن .........مع ذكر العبارات التي تدعو بالرحمة للمتوفى وعبارات الثناء على مناقبه ، ذكر جملة من الألقاب والصفات الحميدة .
خط الثلث :استخدم الفنان اليمني بوجه عام خط الثلث في الكتابة على معظم شواهد جبانة صعدة الأثرية وهذه الكتابات ذات أهمية أثرية ، واستخدمت لفترة زمنية طويلة ، ويرجع تاريخها على الأقل إلى ( القرن الثالث الهجري القرن التاسع الميلادي ) ، ويعد خط الثلث أحد أنواع الخطوط العربية التي انتشرت كثيرا على العمائر والتحف في الفن الإسلامي اليمني اعتبارا من ( القرن السادس الهجري القرن الثاني عشر الميلادي ) رغم أن هذا الخط كان معروفا منذ ( القرن الثاني الهجري ) ولكن غلب عليه الخط الكوفي ، اشتق هذا الخط من الخط النسخي ، بفضل الخطاط " إبراهيم الشجري " الذي اختصر حروفه إلى الثلث من خط النسخ ، ثم تبع هذا الخطاط ظهور عدد من الخطاطين الذين وضعوا القواعد الثابتة لهيئة حروفه وأشكاله ، ولهذا الخط نوعان ( ثلث ثقيل ، ثلث خفيف ) .
Bogga 11
-( خط الثلث الخفيف يتميز بدقة حروفه قليلا عن خط الثلث الثقيل ، حيث تكون منتصباته ومبسوطاته قدر سبع نقط على ما في قلمه ، وتكون في الثلث الخفيف مقدار ذلك منه خمس فقط فإن نقص عن ذلك قليلا سمي بالقلم اللؤلؤي ) ، كما أنه لا يجوز الطمس في كثير من حروفه مثل الصاد وأختها والعين وأختها والفاء والقاف والميم والهاء والواو و" اللام ألف " ، وقد إتخذ حروف هذا الخط أشكالا ونسبا معينة التزم بها الخطاطون خلال العصور الإسلامية إلى حد كبير .
كان إقبال الخطاط اليمني على خط الثلث كبيرا ، إذ استخدمه في فنون العمارة المتنوعة وتحفه المختلفة وعلى آلاف الشواهد في جبانة صعدة الأثرية ، مما يدل على توافر فئة ممتازة من الخطاطين المبدعين والمشتغلين في فنون الزخرفة المتنوعة .
- تاريخ العناصر الزخرفية :حفلت شواهد جبانة صعدة الأثرية بكثير من العناصر الزخرفية النباتية والهندسية والتي توافقت مع التصميم العام للشواهد وأكسبتها مظهرا فنيا زخرفيا واضحا مدركا بأهمية الزخرفة النباتية على شواهد القبور لما لها من مدلول هام فيما ورد في الآيات القرآنية الكريمة من وصف لما في الجنة من نبات وثمار مختلفة الأشكال ولذلك يعكسها الفنان على شواهد القبر .
6 سحار ( فن الرسوم الصخرية ) :
- تعد الجمهورية اليمنية كغيرها من مراكز حضارة العالم القديم غنية بالآثار من عصور ما قبل التاريخ والأدلة المادية الآثرية تؤكد حقيقة وجود الإنسان الذي عاش وتنقل في أنحاء البلاد من موقع لآخر يعمر ويشيد ويترك آثارا عريقة .
- وتعتبر محافظة صعدة من أغنى المواقع في " فن الرسوم الصخرية " الذي يعود تاريخها لعصور ما قبل التاريخ ، وتنتشر في المرتفعات المطلة على السهول ، حيث المياه الغزيرة والأعشاب الكثيرة وتوفر المآوي الطبيعية التي كان يحتمي بها الإنسان من الحيوانات المفترسة ويتقي بها من عوامل الظواهر الطبيعية القاسية آنذاك .
Bogga 12
كان اكتشاف نقوش فن الرسوم الصخرية في ضواحي مدينة صعدة يعد الأول من نوعه ، وتحققت عملية مسح ميداني لمواقع عصور ما قبل التاريخ في مدينة صعدة وضواحيها ، وكان الهدف الرئيسي منها هو دراسة " فن الرسوم الصخرية " التي لم يتنبه لها الباحثون إلا مؤخرا وقام بعملية المسح البعثة العلمية الفرنسية المؤلفة من الدكتور ( دي بيل هومنز ) والدكتورة ( مديحة رشاد ) بالتعاون مع مكتب الآثار بمحافظة صعدة عام ( 1988 م ) ، ويعد الدكتور ( دي بيل هرمز ) أول من اكتشف فن الرسوم الصخرية عام ( 1974 م ) ، وتنقسم مواقع فن الرسوم الصخرية في ضواحي مدينة صعدة ( سحار ) إلى نوعين هما :-
- الرسم بواسطة الحفر الغائر والحز
- الرسم بالألوان
أالمسلحقات :-
تقع المسلحقات في الجهة الشمالية الشرقية لمدينة صعدة ، وتبعد عنها حوالي ( 2 كم ) ، وتمتد نحو ( كيلو متر ) تقريبا ، ويحتوي على تسع مجموعات من التلال الجيرية والرملية المتحجرة التي لا يتعدى ارتفاعها أكثر من ( 50 مترا ) ، وتتركز فيها الرسوم الصخرية ذات أشكال متنوعة وتواريخ مختلفة على واجهات أسطح الصخور البارزة التي تكون بذلك كهوفا أو مخابئ ، وتمثل مناظر فن الرسوم الصخرية والرسوم الحيوانية التي نفذت باللون الأحمر ، مناظر صيد تمثل وعلا تطارده الكلاب ذوي الأذناب الطويلة المنحنية إلى الأعلى ، ومنظر حيوانات الوعول هو الموضوع السائد الذي تعكسه الرسوم في هذا الموقع ، ويكون في حالة مطاردة من الكلاب أو من الإنسان الذي يطلق عليها السهم من القوس ، وأسلوب الرسم بواسطة الحفر والحز هو السائد على نطاق واسع يجسد حيوانات تمثل مناظر رعي وحياتية آخرى مثل الغزال ، الوعل ، الثور الوحشي الذي ربما يشير إلى الفترة النيوليتية والتي تعود إلى فترة ( 6000 عام قبل الميلاد ) .
Bogga 13
كما تجسد الرسوم مناظر ثعابين ملونة ورسوم الإنسان بأوضاع مختلفة واتبع الفنان القديم في رسم لوحاته أسلوب الحفر الغائر والمستعرض صقل خطوطه حتى أصبحت ملساء وكسا سطح نقش اللوحات بطبقة غامقة جدا من غشاء العتق ، وهذا دليل على أن مثل هذه الأشكال تمثل أقدم مرحلة من فن الرسوم الصخرية لعصر ما قبل التاريخ وبعض لوحات الرسومات التي وجدت في موقع المسلحقات تعبر عن سعة رؤية الفنان القديم الذي قام بنقشها وإخراجها ، وذلك من حيث الأسلوب وطريقة النحت والصقل وموضوع اللوحة التي يعبر فيها عن ما يجري في محيط حياته اليومية بأحاسيسه الفنية .
Bogga 14
ب الحمزات ( بني مسعود الحظيرة ) :- تقع الحمزات شمال شرق مدينة صعدة ، وتبعد عنها بمسافة ( 5 كم ) على امتداد موقع المسلحقات من حيث التلال الجيرية والرملية المتحجرة ومواضيع فن الرسوم الصخرية في بعض أشكالها الحيوانية والنباتية وتعبيرات نشاط الإنسان ، وفي موقع الحظيرة تتوزع الرسوم الصخرية إلى ( ست مجموعات ) متنوعة من الهضبة معظمها شبيهة في مواضيعها الفنية لما وجد في المسلحقات لكن المجموعة التي تمثل أشكال آدمية لرجال ونساء وأشكال البقر الوحشي تعد متميزة لأنها أجمل لوحة بارزة وفريدة من نوعها من حيث التكنيك يبلغ طولها ( 16 مترا ) وتحتوي هذه اللوحة على ( 15 رسما ) أهمها رسم مناظر البقر الوحشي الذي يبدو من مظهره الضخم على أنه الجنس البدائي البري تظهر قرونه القصيرة منحنية إلى الوراء على خلاف جميع الرسومات السابقة التي تمثل بقرونها المنحنية إلى الأمام ، وتشير الدلائل أن البقر الوحشي البرمائي المنقرض حاليا في بلاد اليمن والذي يشبه ما تمثله الرسوم الصخرية في ضواحي مدينة صعدة كان يعيش في مناخ رطب يحتاج أن يغطس في الماء أو في الوحل مدة ( 8 ساعات ) على الأقل في اليوم ، وهذا يثبت ان مناخ الجزيرة العربية في فترة ما قبل ( 6000 عام قبل الميلاد ) كان مناخا رطبا ، لقد تم صيده - أي البقر الوحشي - في حالته البرية قبل أن يتم استئناسه ، ولوحة الرسم الصخري في موقع الحظيرة التي تمثل البقر الوحشي ينتمي أسلوب تنفيذها إلى فترة البقر الوحشي الضخم البوبالوس من حيث طريقة الحفر الغائر ولكن كما يبدو أنه كان للأبقار أهمية عقائدية كبرى واستمرت هذه الأهمية العقائدية حتى عصور تاريخية متأخرة مثل عصر البرونز وعصر الحديد (1) .
Bogga 15
ج جبل المخروق :- يقع جبل المخروق إلى الشمال الغربي من مدينة صعدة ويبعد عنها حوالي مسافة ( 6 كم ) وسمي بهذا الاسم لأنه مخروق أي مفتوح من جهة إلى أخرى في وسطه ولهذا الجبل سلم من الدرج المنحوته من أسفله إلى أعلاه يتم الصعود والنزول بواسطتها ويوجد عند سفح الجبل ماجل للمياه منحوت في الصخر وتتصل به قنوات وأحواض صغيرة منحوتة تتجمع فيها مياه الأمطار وتنقل عبرها المياه إلى الماجل الكبير للتخزين وموضوع فن الرسوم الصخرية في هذا الموقع غني أيضا ، منها ما هو شبيه برسومات المواقع السابقة ، ومنها ما هو متميز عن غيره مثل اللوحة المرسومة أسفل الجبل التي تمثل حيوان بقر وحشي ضخم بوبالوس يختلف عما سبق عرضه بإظهار الرأس جانبيا بدل أن يكون مواجها وظهور قرن واحد فقط ، واختلاف آخر يكون في زخرفة الجسد بحلقات دائرية حفرها الفنان لزخرفة الحيوان ، ورغم أن أسلوب تنفيذ اللوحة قديم جدا إلا أنها اللوحة الوحيدة الممثلة لهذا النمط الزخرفي للجسد ، ويتضح من سلسلة فن الرسوم الصخرية في هذه المواقع المتجاورة والمتشابهة في النوع إن هناك استمرارية في الأسلوب الذي يعكس إبداعات مجموعة اجتماعية متجانسة عاشت في تلك المواقع واشتركت في معتقداتها وديانتها ، ومن المعتقد أن تلك الحيوانات كانت ذات أهمية عقائدية لأنها وجدت مرافقة لجميع الأشكال الآدمية .
مدينة صعدة القديمة :-
مدينة صعدة القديمة كانت قائمة عند سفح جبل تلمص الأثري من الجهة الشرقية مباشرة ، وممتدة شرقا ، ومطلة على وادي غراز ووادي رحبان ، وسميت المدينة حينا من الدهر بمدينة رحبان ، لأنها كانت تقع في شمال وادي رحبان مباشرة ، وذكر ذلك في النقوش المسندية القديمة في عهد الملك " نشأ كرب يهأمن يهرحب " ملك سبأ وذي ريدان .
Bogga 16
كما ذكرها ابن المجاور في تاريخه المعروف " المستبصر " بقوله : ( صعدة مدينة قديمة ترجع إلى أقدم العصور إلى زمن " سام بن نوح عليه السلام " ، ولكنها خربت وأعيد تجديدها أكثر من مرة حتى العصر الإسلامي ) .
وقد ورد اسم هذه المدينة أيضا في النقوش اليمنية القديمة ( صعدتم ) ، وتلك النقوش المسندية تذكر بعض أحداث الملك " شمر يهرعش " مثل نقش جام رقم ( 209 ) الذي نص أن الملك قدم قربان شكر على سلامته لإله ( المقة ) إثر الغزوة المظفرة بالنصر التي قام بها ضد القبائل الخارجة عليه كما ورد اسم مدينة صعدة في نقش جام رقم ( 658 ) الذي ينص على ترتيب حراس المدينة .
وقد ظلت مدينة صعدة القديمة صامدة أمام التيارات والتقلبات التاريخية العنيفة منذ أن تأسست في العصور الضاربة في أعماق التاريخ وحتى بداية عصر الإسلام واستمرت بعد قرون من الزمان ، وربما تكشف أعمال التنقيب الأثري في المستقبل لموقعها القديم عن الكثير من الأسرار التاريخية ، وزادت أهميتها كمحطة رئيسية على الطريق التجاري القديم المعروف " بدرب أسعد " أو " بدرب أصحاب الفيل " ثم " طريق الحجيج " ، والدلائل الأثرية تشير أن مدينة صعدة القديمة لا تقل أهمية عن بقية المدن التاريخية القديمة فهي غنية جدا بالمواقع التي تعود لعصور مختلفة مثل :-
- عصور ما قبل التاريخ : تتمثل بالرسوم الصخرية والمخربشات المرسومة بالألوان إضافة إلى الأدوات القديمة التي استخدمها الإنسان الأول في حياته المعيشية في ضواحي مدينة صعدة وإقليم شرق صعدة .
- عصر ما قبل الميلاد وما بعده : مثل جبل أم ليلى وحصن تلمص وموقع الخزائن ومواقع النقوش السبئية المسندية القديمة المتفرقة في جبال وأودية صعدة وإقليم شرق صعدة .
- عصر الإسلام : تتمثل شواهده في المساجد التاريخية والجبانات الأثرية وأسوار المدن والقلاع والحصون ، ومعظمها لازالت بحالة جيدة في كل مديريات محافظة صعدة .
Bogga 17
8 جبل تلمص :- يقع جبل تلمص على بعد ( ثلاثة كيلومترات ) في الجهة الجنوبية الغربية لمدينة صعدة الحديثة ، وحصن تلمص من المواقع الأثرية التي يرجع تاريخها إلى فترة ( ما قبل الميلاد ) واكتسب أهميته التاريخية باعتباره الحصن الحامي والحارس الأمين لمدينة صعدة القديمة التي شهدت تقلبات تاريخية عنيفة ، وكان محورها حصن تلمص فمن سيطر عليه بسط سلطته ونفوذه على مدينة صعدة القديمة ثم يوسع نفوذه لإخضاع أهم المراكز الأخرى في الضواحي القريبة والبعيدة ، وتذكر النقوش المسندية أهمية موقع هذا الحصن الأثري لفترة ( ما قبل الميلاد وما بعده ) ، وظل يكتسب أهمية استراتيجية خلال العصر الإسلامي الذي شهدت فيه مدينة صعدة أيضا صراعات وحروب كثيرة ، وتعرض فيها الحصن للخراب حينا والإصلاح حينا آخر ففي سنة ( 614 هجرية بداية القرن الثالث عشر الميلادي ) قام " بنو حمزة " بإصلاح حصن تلمص ، وكان قد بناه ثانية الإمام " يحيى بن حمزة " خلال فترة حكمه ، وكان قد تحصن فيه كل من ساد حكمه على صعدة القديمة منذ بداية نشأتها ( قبل الميلاد وما بعده ) ، وكذلك واصل فيها التحصن كل قادة العصر الإسلامي ، وفي مقدمتهم الإمام " الهادي " و" أحفاده " ، وكذلك اتخذه الإمام " أحمد بن سليمان " مقرا لإمارته ، ولذلك نجد فيه بقايا الآثار لمنشآت متكاملة من أبراج مراقبة ومبان سكنية وخزانات مياه ومرافق أخرى .
9 حصن الصمع :-
يقع حصن الصمع في الجهة الجنوبية من مدينة صعدة ، ويبعد عنها بمسافة ( 12 كيلومترا ) ، ويرجع تاريخه إلى ( القرن الثالث الميلادي ) ، وظل يستخدم خلال العصر الإسلامي ، ويعتبر هذا الحصن واحدا من أهم الحصون في صعدة ، وهو محاذ لقلعة السنارة من جهة الغرب ، وجبل الصمع يطل على وادي غراز ووادي رحبان .
10 قلعة السنارة :
Bogga 18
تقع قلعة السنارة في الجهة الجنوبية لمدينة صعدة ، وتبعد عنها مسافة ( 15 كم ) ، وتعتبر أهم القلاع بمحافظة صعدة ، ويرجع تاريخها إلى ( القرن الثالث الميلادي ) ، وظلت تؤدي دورها خلال العصر الإسلامي وحتى قيام ثورة 26 سبتمبر ( 1962 م ) إلى يومنا هذا ، وقد اتخذها الإمام " يحيى بن حميد الدين " ومن بعده ابنه " أحمد " سجنا للمعارضين لحكمه .
11 سد الخانق :-
سد الخانق يقع إلى الجنوب من مدينة صعدة بمسافة ( 7 كم ) كحاجز للمسافة الضيقة بين جبلي الصمع والسنارة ويرجع تاريخه الأول إلى ( القرن الخامس الميلادي ) ، وقد تعرض لعمليات ترميم وتجديدات كثيرة في عصور مختلفة ، واختيار موقعه الهام يدل على تواصل حنكة ونبوغ المهندس اليمني القديم وتطور أساليب الري في الحضارة اليمنية القديمة التي استفادت بمهارة من استغلال الظواهر الطبيعية الملائمة لبناء الحواجز والسدود بمقاييس علمية تستطيع مواجهة ضغط المياه والقدرة على تصريف كميات مياه السيول الزائدة عن حاجة استيعاب السد في مخنق تتجمع في مياه مساقط الأودية الشرقية في سلسلة جبال خولان وجماعة ، فمن أهمها وادي علاف النازل من شرق جبال ساقين ، ويتجه شرقا إلى مضيق الصمع ، وتلتقي به أودية المهاذر ثم يسير في وادي الصحن حيث يلتقي بوادي غراز ، ويمر جنوب صعدة ، ويلتقي به وادي رحبان النازل من جنوب صعدة من آل عمار من كداد والصفراء ، ويلتقي بها وادي دماج النازل من شرق السنارة ومن مشارف جبل براش وجنوب ظفار وكهلان ، ويلتقي مع وادي العبديين في مضيق الخانق الواقع بين قلعتي السنارة والصمع حتي صعدة الشامخين حيث تم بناء حاجز سد الخانق الذي قام ببنائه " نوال بن عتيك " على عهد الملك " سيف بن ذي يزن " ، و" مظهرة الخنفري " من رحبان صعدة ، وقد قيل فيه الكثير من القصائد الشعرية ، وكان يحيط به حدائق كثيرة ، وظل سد الخانق يؤدي دوره في ري المزروعات حتى مطلع ( القرن التاسع الميلادي ) عندما هدمه الجزار " إبراهيم بن موسى" الذي قام بغزو مدين .
Bogga 19