Saacid Zaglool Hoggaamiyaha Kacaanka
سعد زغلول زعيم الثورة
Noocyada
لم تنقطع هذه الأخطاء ولا جرائرها، أيام الثورة ولا بعدها، ولم يقع منها الضرر على أحد غير المظلومين فيها، ومن ذا الذي يحاسب الأقوياء حين يخطئون مع الضعفاء؟!
وهكذا يليق الخطأ ويليق التمادي فيه بالأقوياء؛ لأنهم في غنى عن حسبان العواقب، ويستأثر الضعفاء بسوء العاقبة وإن جهدوا في اجتناب الأخطاء؛ لأنهم ضعفاء!
الفصل الرابع
سفر الوفد إلى باريس
جلس سعد وأصحابه الثلاثة في طريقهم إلى المنفى يتساءلون، وأول سؤال طبيعي يخطر لهم وهم مفارقون البلاد هو السؤال عما عسى أن يجري فيها بعد إقصائهم عنها: هل تسمع بالخبر؟ وهل تملك أسباب الثورة؟ وهل تقوى القيادة العسكرية كظم النفوس طويلا بعد هذه الضربة؟ فأما سعد فكان رأيه أن الثورة عمل شاق على بلد أعزل مرهق بالأعباء مشحون بالجند والسلاح والأرصاد. ولكنها إذا كانت واقعة فشعور الناس بالاختناق والتماسهم المنفس للجهر بآلامهم المكبوتة كاف لانفجارها والاستيئاس فيها.
وقريب من هذا رأي إسماعيل صدقي إلى نزعة من شكوك الرجل الحديث.
أما حمد الباسل ومحمد محمود فقد كان رأيهما الرأي الطبيعي لزعيم قبيلة بدوية وصاحب عصبية في الصعيد؛ فآخر شيء يطيب لزعيم القبيلة أن يفكر فيه أن قبيلته لا تثور لأجله ولا تأخذ بثأره، وكذلك صاحب العصبية في الصعيد، فاتفقا على ترجيح الثورة وإن لم يتفقا على النتيجة.
ويظهر أنهم - سواء منهم من رجح الثورة العاجلة ومن لم يجزم بوقوعها العاجل - قد وطنوا النفس على البقاء زمنا ليس بالقصير في جزيرة مالطة، ولم يخطر لهم أن الإفراج عنهم قريب. فبحث سعد عن منزل يستأجره وفكر في استدعاء السيدة الجليلة قرينته إلى الجزيرة ؛ لحاجته إلى العناية الصحية التي لا يجدها هناك في غير المنزل برعاية الزوجة الرءوم، ولم يفكر صحبه الآخرون في ذلك؛ لأنهم شبان أصحاء بالقياس إليه.
وصلوا إلى مالطة بعد أن قضوا في النقالة ثلاثة أيام. وقد كان سعد متعبا من مشقة الانتقال والدوار. وكان بين الشاطئ ومعتقل «بلفورستا» الذي اختاره حاكم الجزيرة لهم مسيرة نصف ساعة على القدم، فبحثوا عن مركبات في جوار الميناء فلم يجدوا إلا مركبة صغيرة يجرها حصان واحد. ركبها سعد وسار رفاقه وراءه على الأقدام، ووصلوا إلى المعتقل، فوجدوا أن السلطة العسكرية قد أعدت لكل منهم حجرة للنوم وأخرى للاستقبال، وثالثة للمائدة ومكانا للحمام.
وأراد سعد أن يكون أول عمل له في منفاه استئنافا لعمله في القاهرة، وتحديا للنفي والإرهاب، واستمرارا في المطالبة بالاستقلال وإنكار الحماية. فلم يكد يستريح من عناء سفره حتى كتب الرسالة البرقية الآتية إلى رئيس الوزارة الإنجليزية، يكرر فيها المطالب التي جاء من أجلها إلى هذه الجزيرة:
Bog aan la aqoon