Saacadaha u Dhaxeeya Buugaagta
ساعات بين الكتب
Noocyada
Saturday
معناه يوم زحل
The day of Saturn
كما كان معناه ومعنى الأيام الأخرى عند البابليين.
فالعقائد الشرقية والآراء الفلكية الشرقية قد شملت أوربا شمالا وجنوبا، ودخلت في أديان الغربيين وفنونهم وأشعارهم توتون ويونان ولاتين وغيرهم من شعوب الشمال والجنوب، قبل أن شملتهم المسيحية - الشرقية أيضا - بألفي سنة أو أكثر من ذاك، وقد بقيت آثارها في أسماء أيامهم إلى اليوم بعد أن نسيت هذه العقائد في بلاد الكلدان والعرب ولم تبق لها هذه المعاني في أسماء الأيام عندنا نحن الشرقيين.
لا بل أنت تقرأ في الجزء الرابع من إخوان الصفاء فترى فصولا في روحانيات الكواكب يقولون فيها: إن «دائرة زحل تنبت منها روحانيات تسري في جميع العالم من الأفلاك والأمهات، ومن أفعال هذه الروحانيات الموت وسكون الحركة، وأن دائرة المشتري تنحط منها قوى روحانيات تسري في جميع العالم يكون بها اعتدال البائع، وتأليف القوى المتنافرات، وروحانيته مستولية على مواليد الأنبياء صلوات الله عليهم، وأصحاب النواميس ومواضع الملائكة المنبثة من دائرته النازلين من فلكه الخارجين من بابه مواضع الصلوات وبيوت العبادات، وأن دائرة المريخ تنبث منها قوى روحانية تسري في العالم من الأفلاك والأركان والمولدات، وبها يكون النزوع والنهوض، وفعلها المختص بالحيوان ما يظهر فيه من الغضب والتعدي والشر، وكذلك في عالم الإنسان ما يكون من الحروب والفتن ومن بقاع الأرض مواضع النيران وعمل الحديد، وأن دائرة الزهرة تنبث منها قوى روحانية تسري في جميع جسم العالم وأجزائه، وبها يكون زينة العالم وحسن نظامه وبهاء أنواره ورونق أزهاره، وزخرف الكائنات وحسن الموجودات واعتدال النبات والشوق إلى الزينة ومحبة الجمال وطلب الكمال، كما ينبث من دم المعدة شهوة الملاذ إلى جميع مجاري الحواس، وأفعال روحانيتها في العالم العشق والمحبة والتزين بالزينة الحسنة، وأن دائرة عطارد تنبث منها قوى روحانيات تسري في جسم العالم وأجزائه، وبها تكون المعارف والعلوم والخطوط والإلهام والرؤيا والوحي والنبوة، كما تنبث من الدماغ القوة الوهمية وما يتبعها من الذهن والتخيل والفكر والروية والتمييز والفراسة، ولها من الكلام الشعر والخط والنظم وغير ذلك ...» إلخ إلخ.
فإذا قرأت هذا وعرضته على الأساطير التي يسمونها الآن الأساطير اليونانية أو الرومانية وجدتهم يقولون: إن عطارد رب الشعر والفنون، وإن الزهرة ربة الحب والجمال، وإن المريخ رب الفتن والحروب، وإن زحل رب الخراب والشقاء، إلى آخر ما يعرفه من اطلعوا على تلك الأساطير، وما كان اليونان على علم بشيء من رصد الأفلاك وخواصها المزعومة إلا ما نقلوه عن البابليين. حتى إن اسم الفلك عندهم «الأسترنومي» مأخوذ من كلمة «أستر» اسم الزهرة عند البابليين، وهي عندهم ربة الحب وزوجة مروداخ أو المشتري كبير الأرباب، وأستر عند البابليين كذلك هي البرج السادس أو برج العذراء، واسمها في لغتهم «بنوث» أي البنت باللغة العربية، وهذا هو أصل كلمة «فينوس» إلهة الجمال والحب عند الرومان واليونان، فقد كانوا يكتبونها بالباء قديما ولا تزال الكلمات التي وردت فيها بالباء محفوظة في اللغات الأوربية، والتصحيف يسير جدا بين بنوس وبنوث بمعنى البنت في اللغة البابلية.
فكل ما جاء في أساطير اليونان عن الأفلاك وما رتبوه عليها من العقول العشرة المتصرفة في مقادير الكون إن هو إلا تصحيف لآراء الشرقيين القديمة في الفلك والنجوم، وكل ما أضيف إلى الفلك من الرياضيات والهندسيات إنما اقتبسه طاليس، وفيثاغوراس، وإقليدس، من المصريين والبابليين والهنود كما هو محقق في التاريخ. وما كان اليونان يبنون ولا يعرفون الهندسة والعلوم حين كانت للمصريين والبابليين الصروح والمراصد والمدارس والثقافات والسجلات التي أثبتت فيها أرصاد الفلك منذ آلاف السنين، فإذا امتاز اليونان بعد ذلك بشيء من تمحيص العلم فما استطاعوا ذلك؛ إلا لأنهم ضعفاء لم تكن لهم دولة موطدة ولا كهانة عظيمة السلطان تستأثر بالعلم وتدخله في نطاق الدين فيختلط فيه التمحيص والاعتقاد.
ولم يخف لب هذه الحقيقة على إخوان الصفاء، فقالوا في الرسالة الحادية عشرة من العلوم الناموسية والشرعية: «اعلم يا أخي، أيدك الله وإيانا بروح منه أن علماء الهند هم العارفون بصناعة النجوم المخصصون باسم الكهانة، ويلحق بهم في العلم بذلك حكماء الفرس ومن بعدهما اليونانيون.» ولو كان لإخوان الصفاء سبيل تحري التاريخ كما نتحراه اليوم لعلموا أن هناك حضارة أخرى انقطع ما بينهم وبينها كان أهلها على علم كبير بالفلك، والرياضة، والكهانة، وهي الحضارة المصرية الهيروغليفية، ومع هذا لم يسلم إخوان الصفاء من الخطأ حين أسندوا إلى اليونان كثيرا مما ليس لهم؛ لأن اللغة اليونانية كانت قد أصبحت لغة رسمية في دولة الروم الشرقية فترجمت إليها كتب كثيرة ليتدارسها القسوس في الأديرة ولم يكن مصدرها من علماء الإغريق، فلما ترجم العرب ما ترجموه من آثار الحضارات القديمة جاءهم معظم ذاك من الكتب اليونانية فأسندوه إلى اليونان. •••
فيما تقدم مثل وجيز من المقابلات التي يوجبها الاطلاع على كتاب إخوان الصفاء، وفي الكتاب أمثلة شتى لاستخراج المقابلات في كل باب من الأبواب، نرجو أن يتفرغ لاستقصائها الباحثون.
Bog aan la aqoon